ومانعا عن تحقق الاستعمال الحقيقي في الاعتبار، وإذا تحقق الشرط يرتفع المنع والمحذور، ويصير المعنى التعليقي فعليا، بمعنى أن الهيئة تصير باعثة، ويكون بعد ذلك استعمال حقيقي في المعنى الموضوع له.
ومن هذا القبيل البيع المعلق على مجئ زيد، أو على مجئ الجمعة، فإنه بعد تحقق ألفاظ البيع، لا يكون إلا مجرد الإلقاء، ولا يستعمل الهيئات في معانيها، بل المتكلم وظيفته الإلقاء، وأما حصول المعاني الموضوع لها، فهو خارج عن اختيار المتكلم، وتابع لنحو الاستعمال والإلقاء، فإذا تحقق المجئ ويوم الجمعة، يحصل المسبب والمعنى المقصود، لأن الشرط والقيد كان في الاعتبار مانعا عن حصول تلك المعاني، وعن تحقق الاستعمال الحقيقي، فلا يتوهم أنه بعد ذلك يحتاج إلى إعادة الإيجاب، أو إعادة الأمر فيما نحن فيه، بل الإلقاء مقدمة حصول الاستعمال، وهو الاستيفاء من علق الوضع، فليتدبر، واغتنم.
الثانية: أن معاني الهيئات جزئية، والمعاني الجزئية آبية عن التعليق، بل أمرها دائر بين الوجود والعدم، فإذا تحققت القضية الشرطية، فقد تحقق المعنى الجزئي وهو البعث، فلا بد من رجوع القيد إلى المادة، أو الموضوع (1).
وقد أجيب: بأن الخلط بين التكوين والتشريع والاعتبار، أوقع الاشتباهات الكثيرة في النفوس العالية، ومنها هي، لأن الإيجاد الحاصل بآلة الهيئة، اعتباري قابل للتعليق، ويكون هذا المعنى الحاصل المعلق في قبال العدم المطلق (2).
وهذا في حد نفسه حق صرف لا غبار عليه، إلا أنه فيما نحن فيه يمكن أن يقال كما عرفت: بأن المعنى الجزئي أمره دائر بين الوجود والعدم، ولا يعتبر فيه