العرف ينتقل من هذه القضية إلى مفروضية وجود القيد الداخل في المأمور به وفي مصلحته، فلا يرى وجوب تحصيله عند الفقدان، كما هو الظاهر.
وأما توهم: أنه في أمثال هذه المواقف، تكون المادة مطلقة في المصلحة، ولكن الشرع - رعاية لحال المكلفين - لا يبعث إلى تلك المادة إلا حال الاستطاعة مثلا، كما في تقريرات السيد البروجردي (قدس سره) (1)، فهو من الغرائب، لأن المراد من " المصلحة " ليست إلا المصلحة لضرب القانون، وهي مقيدة، فإن المقنن يرى أن الحج على الإطلاق يكون فيه المفسدة، وهي الانزجار عن الشريعة، فيلاحظ الجهات الكثيرة حتى يضرب قانونا، فما أفاده: من أن الهيئة كثيرا ما تقيد، لأجل وجود المانع، وأتى بالأمثلة الكثيرة (2)، لا يخلو من تأسف جدا.
هذا كله ما عندنا في تقريب الدليل اللبي في المقام حول القضية الشرطية، مع دفع ما قيل في المقام من غير توجه شبهة إليه.
وأما ما عن الشيخ الأنصاري (قدس سره): من لزوم رجوع القيد إلى المادة على أي تقدير (3)، فهو مهبط الإشكالات، لما عرفت في كلام العلمين: من أن كثيرا من القضايا الشرطية، لا يكون فيها مفاد المادة مقيدا، بل يستحيل، لأن تقييد المادة يستلزم - مع إطلاق الهيئة - وجوب تحصيل القيد، فيجب في الحج تحصيل الاستطاعة، وهكذا مما سطر في الكتب، ولا يمكن دفعها إلا برجوعه إلى ما شرحناه وذكرناه (4).
ومن العجيب أنه (قدس سره) قد تصدى لدفع النقض المذكور بما لا ينبغي صدوره منه!! ولعله وقع خلط فيما نسب إليه.