بحسب اللب - مفاد الهيئة، لأنه حرفي، وذلك المقيد اسمي.
وإن بقي على حرفيته، فلا يقبل التقيد، لأنه متوقف على كون المنظور فيه اسما، وهذا غير الإشكال الأول.
وأنت خبير بما فيه بعد الإحاطة بما تلوناه عليك آنفا: وهو أنه فيما نحن فيه لا يحصل تقييد بعد الإطلاق، بل هنا خلق المعنى المضيق، وهذا المعنى المضيق في المعاني الاسمية: هو أن يكون المعاني المقصودة محكية بالقوالب والألفاظ، وفي المعاني الاسمية المقيدة بالمعاني الحرفية في عالم التصور والذهن: هو أن تنشأ في نشأة الاعتبار تلك الاعتبارات التصورية والتخيلية، فعليه لا يكون المعنى الحرفي قبل تحقق الشرط موجودا، حتى يقيد بالشرط، فإذا تحقق الشرط يتحقق المعنى الحرفي، وهو البعث إلى الإكرام، فلا تقييد، بل هو قبل تحقق الشرط ممنوع عن العمل والبعث، كما أشير إليه مرارا (1).
وأما توهم: أن إنكار تقييد الهيئة إنكار للوجوب المشروط، وتثبيت لهذه الشبهات، فهو فاسد جدا، لأن منكر الوجوب المشروط، يثبت فعلية الوجوب بمجرد إيقاع المتكلم تلك القضية المشروطة، ولكنهم بين من يقول بالفعلية المطلقة، وبين من يقول بالفعلية على تقدير، والفعلية المطلقة تناقض المقصود، وهو عدم قصد الباعثية من الهيئة قبل الشرط، والفعلية التقديرية تناقض صدرا وذيلا.
وأما نحن فنقول: بعدم فعلية التكليف بعد الإلقاء والإيقاع، من غير تقييد لمفاد الهيئة، فإنك إذا فرضت أن المخاطب النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) الموجودة فيه جميع شرائط الانبعاث، وخوطب بقوله: " إن جاءك زيد فأكرمه " فإنه لا ينبعث بمجرد استماع هذه القضية، فلو كانت الهيئة مستعملة في معناها الموضوع له - وهو البعث الاعتباري بالحمل الشائع - كان الانبعاث مسلما، لاجتماع سائر الشرائط المعتبرة