قلت: نعم، مقتضى ما تحرر منا امتناع اعتبار الموانع في الاعتباريات، إلا على قول الأخصي، وتفصيله في محله (1)، ولكن هنا خلط بين شرائط المأمور به، وشرائط الأمر، ففي الأولى يمكن أن يعتبر الشرع أمرا فيما يتصوره في المركب شرطا تحليليا، ويكون ذلك الأمر عدميا، لأن تصور الأمور التي لا واقعية لها في الخارج ممكن، وعلى هذا اعتبار ذلك لانتهائه إلى مقصود الجاعل والمقنن، ممكن في الطبيعة والمأمور به، وتفصيله مذكور منا في مباحث قاعدة " لا تعاد... " (2) وفي موضع من " كتاب البيع " في شرائط العوضين (3).
وأما في الثانية فلا يمكن، لأنه يعتبر بوجوده الخارجي شرطا للإرادة وفعليتها، ولا بأس بأن يكون الأمر الاعتباري، شرطا لفعلية الإرادة والحكم، وأما ما هو العدم المحض، كيف يكون دخيلا في فعلية الإرادة التكوينية، وفي تحقق تلك الإرادة؟! والمسألة واضحة جدا.
نعم، العصيان في جانب المحرمات هو شرب المسكر، أو ينتزع من ذلك الأمر الوجودي، فجعل مثله شرطا مما لا بأس به، وأما ترك الواجب في الوقت المضروب له بلا عذر، فلا يعقل أن يعد شرطا، ويجعل متقدما على الشئ، أو متأخرا عن الشئ، لأن العدم المحض لا يحكم عليه بشئ، ولا يشار إليه مطلقا.
وقد تبين فيما سبق: أن ما اشتهر من أن المتناقضين في رتبة واحدة (4) من الأباطيل، لأن أحد النقيضين عدم صرف. نعم لا يحكم عليه " بأنه مع الشئ ".
فعلى هذا، لا يصح الاستدلال لكون العصيان في رتبة الإطاعة: بأنه نقيضه