تتحقق الإرادة مع الغفلة عن تلك القوة، والجارحة تتعصى عن قبولها، لأن الروح البخاري غير سار في تلك العضلة والعروق.
وأيضا: إن الإرادة التشريعية والتكوينية، واحدة بحسب الحاجة إلى المبادئ، ومختلفة من حيث المتعلق، فإن متعلق الإرادة التشريعية هو البعث نحو المادة، ومتعلق الإرادة التكوينية هو الفعل والحركة، ولا يتخلف عن تلك الإرادة كل واحد من المرادين: لا المراد الأول وهو البعث نحو المادة لأجل الانبعاث، ولا المراد الثاني وهو الفعل وإحداث الحركة، فما توهمه (قدس سره) فارقا غير تام.
أقول: لا تمانع ذاتي بين الإرادتين التشريعيتين في مفروض المسألة، لإمكان تحقق الثانية مع الغفلة عن الأولى، بخلاف الإرادتين التكوينيتين، ولا يلزم بقاء صفة الإرادة التشريعية في النفس في لزوم الانبعاث، بل إذا تحقق البعث فيلزم ذلك وإن انعدمت الإرادة بالسهو والنوم، فتوهم امتناعهما الذاتي غير صحيح، بخلاف الإرادتين الفاعليتين.
فعلى هذا، إذا كان الامتناع لأجل الالتفات، فيمكن أن يوجدا معا، لاختلاف موضوعهما، أو بجعل الشرط لإحداهما دون الأخرى، وهذا الأخير هو تمام السر لإمكان اجتماعهما الطولي، دون الإرادتين الفاعليتين، فإنهما غير قابلتين للاجتماع ذاتا، فتأمل.
وإن شئت قلت: لا مانع من اجتماع الإرادتين الفاعليتين، إذا كانت إحداهما مشروطة ولو كانت مخالفة للأولى في الاقتضاء، وإذا صارت فعلية يتحقق الشرط، فلا يعقل بقاء الإرادة الأولى معها بالضرورة.
وهذا هو أيضا كذلك في التشريعيتين إذا كان موضوع الإرادة الثانية موجودا، أو شرطه متحققا.
ومجرد إمكان تحقق البعث الثاني، مع الغفلة عن الأول، من غير لزوم