الإرادة الثانية، وإلا يلزم عدم كونها قابلة لكونها مقدمة، وذلك لما سيأتي تفصيله في تقسيم الواجب إلى النفسي والغيري، وأن الواجب الغيري ليس تعبديا وقربيا (1)، فإذن لا يمكن الإتيان بالطهارات الثلاث على وجه التقرب والعبادة، لأن الباعث نحوها الأمر الغيري، وما يمكن أن ينبعث عنه العبد هو الأمر الغيري، ومن وجوده يلزم عدمه، لأنه يدعو إلى المقدمة وما هو الموقوف عليه، ولا يعقل امتثال مثله، ضرورة أن الأمر المتعلق بالصلاة، لا يعقل أن يكون توصليا، فالأمر المتعلق بالوضوء كذلك، وهكذا.
أقول: قد أجيب عن هذه الشبهة في تلك المسألة بأجوبة عديدة (2)، كلها غير مصدقة، ولعل أمتن الأجوبة: هو أن عبادية الشئ ليست بالانبعاث عن الأمر والامتثال فقط، بل عبادية الشئ تابعة لما عرفت تفصيله في التعبدي والتوصلي (3)، فيكون على هذا ما هو المبعوث إليه بالأمر الغيري عبادة، ولا يتقوم عنوان العبادة إلا بكون العمل مما يتقرب به عرفا أو شرعا.
ولو كانت العبادة متقومة بالأمر، للزم أن يكون نهي المشركين عن عبادة الأوثان غير جدي، مع أنهم كانوا يعبدون الأصنام، فنهاهم الشرع الأقدس، وهل هذا إلا أنها ليست متقومة بالأمر؟! ولا يضر الانبعاث عن الأمر الغيري بالعبادية، بعد كون الأمر داعيا إلى متعلقه، وهي العبادة، وما هو الموضوع لأن يعبد ويتقرب به لله تعالى.
السابعة:
المشهور في ألسنة جماعة: أن الأجزاء واجبة بالوجوب الضمني، فلا يعقل