مقدورة، وما هو المقدور هي المطلقة، فإن المكلف بالمقدمة الأولى يتمكن من الثانية، وبالثانية من الثالثة، فما هو معروض الوجوب، ما يحصل منه تمكنه بالنسبة إلى ذي المقدمة، فلا تكون الموصلة من الأول معروض الوجوب، فما هو من الأول مورد تعلق الإرادة الثانية، هي المقدمة الأولى، وهي بوحدتها ليست موصلة، وكان في ذهنه الشريف ذلك، فناقش في الوجدانيات.
وأنت خبير: بأن القدرة على المكلف به، موجودة من الأول بالقدرة على مقدماته الكثيرة، وهذه القدرة هي مصححة التكليف بالنسبة إلى المعلول، من دون علته وأسبابه وعلله وشرائطه، فإنها كلها ليست مورد التكليف.
مثلا: إذا علمنا بأن الدخول في دار زيد، يلازم الإكراه على شرب الخمر، فهل يتمكن عاقل من تجويز ذلك، مستدلا: بأن ما هو مورد القدرة هي المقدمة المطلقة، وهي ليست محرمة، وما هو المحرم هو الشرب، وهو ليس مقدورا مثلا، لأنه مكره عليه، فيكون معذورا في الارتكاب؟!
فإذن تبين: أن ما هو ملاك التكليف بذي المقدمة، هي القدرة على المقدمة، والقدرة عليها حاصلة. وكان ينبغي أن نذكر ذلك من المحاذير في المسألة، ولكنه لكونه أكثر نفعا ذكرناه هنا.
ومنها: ما نسب إلى السيد اليزدي صاحب " العروة " (قدس سره): " وهو أن العقل يرخص في تحريم المقدمة غير الموصلة، مع أنه يستحيل تحريم مطلق المقدمة الأعم من الموصلة وغيرها، وهذا دليل على أن الواجب هي الموصلة لا غير " (1).
وقد أورد عليه صاحب " الكفاية ": " بأن المقدمات غير المباحة خارجة من محل البحث، فعدم اتصاف المحرمة بالوجوب الغيري، لأجل وجود المانع، لا لعدم المقتضي، فتحريم المقدمة غير الموصلة، لا يدل على أن الموصلة واجبة، بل للشرع