وهذا نظير ما إذا قال المولى: " أكرم العالم العادل " وكان نظره من أخذ العدل، إلى بيان أن مناط وجوب إكرام العالم قاصر، ولا يشمل كل العلماء، لبعض جهات اخر، ولا مدخلية للعدل في الحكم، بل اخذ العدل للمعرفية، فلا تكون القيود كلها للمدخلية الملاكية، فلا تخلط.
فتحصل إلى الآن: أن ما أفاده القوم في معروض الوجوب، كله خال من التحصيل، وما هو المعروض والواجب على تقدير الملازمة - عقلية كانت، أو عقلائية - هي الموصلة بالفعل، وإن شئت فسمها " المقدمة المنتهية إلى الواجب " وهذا البيان لمعرفية ضيق المناط والملاك عند العقل، ولسنا بصدد تعريف معروض التشريع الإلهي بعنوانه الذاتي.
فبالجملة: من الممكن دعوى ظهور قوله تعالى: * (إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا...) * (1) في أن مصب الهيئة الغيرية حين القيام وإرادة الصلاة، هو الوضوء والغسل، لا مطلقا. وأما استظهار أن مصب الوجوب الغيري، ذات المقدمة، لا عنوان " الموصلة والمنتهية " فهو في غير محله، لأنه في مورد خاص، والعقل يأبى عنه، كما عرفت (2).
إن قلت: لو كانت الإرادة الثانية، مختصة بصورة إرادة المكلف إتيان الفعل، فهي تكون لاغية.
قلت: هذا هو إشكال يأتي في أصل المسألة والملازمة، ولك أن تقول:
بكفاية الفرار من اللغوية أن المقدمة إذا كانت واجبة بحسب الشرع، فصورة كونها محرمة ذاتا، تستلزم التهافت والتضاد، فإذا قلنا بعدم حرمتها، لأجل عدم إمكان اجتماعها مع وجوبها، فلا يلزم التجري في بعض الصور، وهذا كاف. وتفصيل