المسألة يأتي من ذي قبل إن شاء الله تعالى (1).
إن قلت: من يقول بالموصلة، لا يرد إلا ما هو الموصل بالحمل الشائع، أي يختص معروض الوجوب بالموصلة بالفعل.
قلت: هذا خلاف ما بنوا عليه، من أن وجوب المقدمة إطلاقا واشتراطا، تابع لذي المقدمة (2)، فإنه على رأينا لا يكون كذلك، فإن وجوب ذي المقدمة، أعم من صورة إرادة العامل إتيان العمل وعدمه، بخلاف وجوب المقدمة، فإنه لا يترشح إلا حين إرادة الإتيان، من غير كون الإرادة المزبورة قيد الهيئة، أو المادة.
فبالجملة: القائل بالمقدمة المطلقة يقول: بأن معروض الوجوب هي الموقوف عليها، سواء كان توقفا تاما، أو ناقصا، لأن ملاكه هو التمكن، وهذا حاصل في الصورتين، والقائل بالموصلة يقول: بأن معروضه هي الموصلة، أي أن الخطاب ينادي: " بأن الصلاة واجبة، والموصل إليها واجب غيري، من غير النظر إلى حال المكلفين من إتيان المكلف به وعدمه ".
وأما نحن فنقول: باختصاص الملازمة بصورة إرادة إتيان ذي المقدمة، من غير كون هذه الإرادة دخيلة، بل هي معرفة لضيق مصب الإرادة والملاك والمناط، على الوجه الماضي تفصيله، فلا تخلط.
لا يقال: بناء على هذا لو دخل الأرض المغصوبة، ثم أراد إنقاذ الغريق، يكون الدخول محرما، ولا يكون معذورا، لأن إرادة ذي المقدمة حصلت بعد الإتيان بالمقدمة.
لأنا نقول: بعدما عرفت أن الإرادة المزبورة، ليست إلا معرفة وكاشفة،