التوصل والتمكن، وهذا هو مراد جدي العلامة في " التقريرات ": " من أن الملاك الجامع هو الاستلزام العدمي، وهو ما يلزم من عدمه العدم " (1).
فبالجملة: لا بد من إثبات انحصار الملاك بالتوصل، حتى يكون معروض الوجوب هذا الملاك، وإلا فلا وجه لسلب معروضية العنوانين الأخيرين عن الوجوب.
قلت: الدليل هو الوجدان، والبرهان.
أما الأول: فلأن الضرورة قاضية بأن النظر في المقدمات، ليس إلا آليا إلى الغير، ومرآة إلى مطلوب آخر، فما هو مورد الطلب والحب ليست ذواتها المطلقة، فهي مقيدة قهرا بالمطلوب الأول.
وأما الثاني: فلأن اللغوية غير جائزة على الشرع، وفي مفروض المسألة تلزم لغوية تشريع الوجوب على التمكن، أو التوقف الأعم من التوصل. ولذلك لا يعتبر قصد التوصل، لعدم دخالته في الوصول والإيصال، وإن كان للشرع اعتبار ذلك لبعض الجهات في بعض الأحيان والمقدمات، ولكن مقدار المشروع الشرعي المستكشف بالعقل فرضا، ليس إلا صرف الموصلية.
وغير خفي: إنا لسنا بصدد إثبات أن " الفصول " ذهب إلى هذا المسلك، بل الظاهر أنه اعتبر معروض الوجوب، المقدمة إذا كان يترتب عليها فعل الغير، فراجع (2). وهذه العبارة تومئ إلى المقالة السابقة الباطل سندها واعتبارها.
فالمحصول مما قدمناه: هو أن مقتضى الذوق البدوي، أن ما هو معروضه هي الموصلة، بل هو الإيصال الفارغ عن الذات، أو هي الموصلة بالذات، ومصداقها الذاتي هو الإيصال، ولا خصوصية لقيد آخر، فيكون تمام الموضوع هي الموصلية،