العقاب والثواب من التوابع القهرية، أو من قبيل الجعالة، ولكنه ثالث المسالك في الموضوع الذي يستتبع ذلك العقاب والثواب.
مثلا: على المسلك الأول إتيان الصلاة عبادة، يستتبع قهرا صورة ملذة، وعلى الثاني يورث استحقاقها، أو بالتفصيل، والثالث يقول: بأن تلك الصورة - سواء كانت بالاستتباع أو بالتفضل والاستحقاق - لا تحصل إلا إذا انطبق على المأتي به عنوان " الإطاعة والامتثال " المتقوم بالأمر، فلا يعد هذا مقابل المسلك الأول والثاني في كيفية العقاب، فما يظهر من تقريرات الوالد - مد ظله - لا يخلو من غرابة (1).
فعلى هذا، إن كان يقول بعد تحقق الطاعة مثلا بالاستتباع، فلا استحقاق، ولا تفضل، وإن كان يقول بالثاني، فيستحق العقاب، بل والثواب على التقريب المشار إليه.
إن قلت: بناء العقلاء في المماليك عدم الاستحقاق. نعم في الاجراء يثبت استحقاق أجرة المثل.
قلت: لا نسلم ذلك فيما إذا جعل المولى على العبيد جعالة حذاء أفعالهم وأشغالهم، مثلا لو قال المولى لعبده: " اصنع كذلك فلك علي كذا " فإنه يستحق عند القوم عليه جعله بالضرورة.
ولا أريد أن أقول: إن العبد يستحق على الرب شيئا، حتى يعد من التجاسر، نعوذ بالله تعالى من ذلك، بل المقصود إثبات استحقاق العبد بالنسبة إلى الجعل والأجرة المجعولة، وأنه يثبت له حق على ذلك المجعول، فلا تخلط.
ثم إنه غير خفي: أن مع عدم ثبوت الاستحقاق، يكون الامتثال والإطاعة والإتيان بالأعمال الحسنة، مرجحا لتوجيه التفضلات الإلهية بالنسبة إليه، وإلا فلو