2 نحوه، ضرورة أن الحركة التي تحصل في عضلات العبد، لا يمكن أن تكون مستندة إلى الأمر النفسي لأجل الأمر الغيري، بل هو يتحرك بالأمر الغيري، ويكون الأمر النفسي مخطورا بباله، لا باعثا إياه نحو الوضوء والغسل والتيمم.
والعجب أن الأصحاب المتأخرين، غفلوا عن هذه النكتة، حتى الوالد المحقق - مد ظله - وتوهم صحة ما في " الكفاية " (1)!! مع أنه واضح الفساد، بداهة أن المكلف لو كان ينبعث عن الأمر، فلا ينبعث إلا عن الأمر الواحد، أو المجموع عرضا، لا طولا، وفيما نحن فيه أرادوا إثبات انبعاثه عن الأمرين الطوليين، وهذا واضح المنع.
وأما طولية الأمرين فواضحة، لأن الأمر الغيري يدعو إلى الوضوء المأمور به بالأمر الموجود بالحمل الشائع، والأمر النفسي يدعو إلى الوضوء المقيد امتثاله بامتثال الأمر المتعلق به، ولكنه أمر بالعنوان المأخوذ في المتعلق، لا بالحمل الشائع، فلا ينبغي الخلط بين المسألتين: الطولية، والعرضية.
والذي هو الجواب: أن الأمر لا يكون تعبديا، ولا توصليا، بل التعبدية والتوصلية من أوصاف المتعلقات، كما تحرر تفصيله هناك (2). وأما مناط التعبدية والتوصلية، فهو يعلم من الشرع أحيانا، ومن العرف نوعا. وقد عرفت منا: أن العابدين للأوثان والأصنام كانوا مشركين في العبادة، مع عدم وجود أمر في البين، وقد نهى الشرع الأقدس عن عبادتهم للأوثان (3).
فالأفعال التي تصلح للعبودية، أو تكون صالحة من قبل الشرع لأن يؤتى بها عبادة، ليست متعلقة للأمر العبادي، بل الأمر يدعو الناس إلى الإتيان بها للتقرب بها منه تعالى، وتكون الأوامر الشرعية كواشف عن تلك الصلاحية.