إن قلت: لا يعقل إنكار الوجوب النفسي، لأن ترك الواجبات يستلزم العقاب، والترك ليس بعمل حتى يستتبع تلك الصور المزبورة المؤذية، وهكذا ترك المحرمات، مع أن الضرورة قاضية بأن تارك الصلاة في الجحيم، وتارك المحرمات يثاب على تركه، فلا بد من كون الثواب والعقاب غير ما تخيل وتوهم.
قلت: أما ترك المحرمات إذا كان بلا توجه إلى المحرم، أو بلا كف عنه، فهو لا يثاب عليه عند جملة من الأصحاب (رحمهم الله) بل قيل: " إن ذلك ليس منهيا، لأن النهي هو الكف، وهو لا يتصور إلا مع الابتلاء " فإذا كان ذلك عبارة عن الكف، فهو فعل النفس، وحبس القوى، وهذا يستلزم الصور الملذة والحسنة من الحور، والقصور، والفاكهة، والرمان. وأما ترك الواجبات مع التوجه والالتفات، فهو أيضا كذلك.
وأما الجاهل المقصر، فهو ينحصر بالملتفت، ولا يكون من أقسام الجاهل المقصر من لا يلتفت إلى جهله بالسلب المحصل، فلا يلزم إشكال، لأن كل ذلك قابل الذب، فلا تغفل.
فتحصل: أنه لا ضرورة تقابل هذه الشبهة حتى يمكن توهم اندفاعها، بدعوى العلم الاجمالي ببطلانها وإن لم يكن لنا تعيين النقطة الباطلة في الشبهة، بل قضية هذه الشبهة والمقالة في الثواب والعقاب، إنكار الوجوب المولوي، لا إنكار العقاب والثواب، فلا تخلط.
وبناء على تلك المقالة، لا معنى للثواب والعقاب على الغيري بما هو الغيري، ضرورة أن تبعات الأفعال لا تكشف بالأوامر الغيرية.
نعم، ربما يترتب الآثار والخواص قهرا وإن كان يصدر الفعل جهلا، كما في الآثار الطبيعية. ولكنه خلاف ما عليه الشريعة قطعا، ولذلك يمكن دعوى: أن من شرائط ترتب الآثار، العلم بالأمر، أو احتمال الأمر، مع عدم العذر الموجه، فإن هذه