في الجارية يزوجها أبوها بغير رضا منها، قال: ليس لها مع أبيها أمر، إذا أنكحها جاز نكاحه وإن كانت كارهة " وزاد في الكافي قال: " وسئل عن رجل يريد أن يزوج أخته؟ قال: يؤامرها، فإن سكتت فهو إقرارها، وإن أبت لم يزوجها ".
وأما ما اعترض به في المسالك - من أن هذه الرواية رواها الشيخ عن الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي، وحماد هذا مشترك بين الثقة وغيره، فلا يكون صحيحة - فإنه غفلة محضة وتوهم صرف، فإن المعروف المتكرر في مثل هذا السند هو حماد بن عثمان للتصريح به في مواضع عديدة من التهذيب، ولرواية ابن أبي عمير عنه في كتب الرجال.
بل صرح به الكليني في سند هذا الخبر على ما نقله بعض الأعلام، وقد صرح في التهذيب بعد هذا الحديث، وقبله بيسير برواية ابن أبي عمير عن حماد بن عثمان عن الحلبي، والجميع في باب واحد، ومثله في باب الاشهاد على الوصية، وبالجملة فإنه لا يخفى على الممارس صحة ما قلناه وضعف ما طعن به لا يقال: إنه يحتمل حمل الجارية في الخبر على الصغيرة، لأنا نقول: لا يخفى على من نظر في قرائن الكلام، وتدبر سياق الخبر التدبر التام، أن قول السائل " بغير رضا منها " وقوله عليه السلام " وإن كانت كارهة " ظاهر في بلوغ تلك الجارية المسؤول عنها وقت التزويج، لأنه لا مجال لاعتبار الرضا من غير البالغة وكذا إطلاق الكراهة بالنسبة إليها، والحمل على عدم الرضا، والكراهة بعد البلوغ، ووقوع العقد قبله يرده صدر الخبر حيث إن قوله " بغير رضا... إلى آخره " وقع حالا من قوله " يزوجها " مع وجوب اتحاد زمان الحال وعامله كما قرر في محله.
وحينئذ فتكون هذه الرواية - بناء على ما قلناه من الدلالة بظاهرها على المطلوب - قد دلت عليه بأبلغ وجه وآكد من حيث الجمع فيها بجواز نكاح الأب لها وإن كانت كارهة، وبين نفي أمرها معه في ذلك بالمرة.