بقي الكلام في أنه لو اخترن أنفسهن فهل تحصل البينونة بمجرد الاختيار، أم لا بد من الطلاق؟ علماءنا على الثاني كما تقدم في كلام صاحب المسالك، والعامة على الأول كما يشعر به كلام المتقدم (1) أيضا، والأخبار مختلفة، وسيأتي تحقيق الكلام في هذا المقام في كتاب الطلاق إن شاء الله تعالى مستوفي.
وفي رواية محمد بن مسلم الثانية إشارة إلى حمل الأخبار الدالة على البينونة بمجرد الاختيار على التقية.
الرابع: تحريم نكاح الإماء عليه بالعقد، ولم أقف له على دليل في أخبارنا وإنما علل ذلك بتعليلات اعتبارية، علل بأن نكاح الأمة مشروط بالخوف من العنت، وهو صلى الله عليه وآله معصوم، ومشروط بفقدان طول الحرة، ونكاحه صلى الله عليه وآله وسلم مستغن عن المهر ابتداء وانتهاء، وبأن من نكح أمة كان ولدها منه رقيقا عند جماعة، ومنصبه صلى الله عليه وآله وسلم منزه عن ذلك، وبأن كون الزوجة مملوكة للغير محكوما عليها لغير الزوج مرذول، فلا يليق ذلك بمنصبه صلى الله عليه وآله.
قيل: وفي كل واحدة من هذه العلل نظر، لأن الأولى منقوضة بالإمام، والثانية بإمكان فقد الطول بالنسبة إلى النفقة، وإن انتفى المهر عنه، وبالمنع من كون ولد الأمة رقيقا مطلقا، لأنه عندنا يتبع أشرف الطرفين، وبمنع رذالة التزويج بأمة الغير مطلقا، وجوز بعض العامة نكاحه الأمة المسلمة با لعقد كما تحل بالملك لضعف المانع، ولكن الأكثر على المنع.
أقول: الظاهر أن أصل القول المذكور إنما هو من العامة، وتبعهم جملة من الأصحاب استحسانا لما ذكروه من التعليلات المذكورة كما عرفت في غير موضع من الكتب السابقة، ونصوصنا خالية منه هذا.
وأما وطئ الإماء بملك اليمين - مسلمة كانت الأمة أو كتابية - فهو مما