رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين (ع) - السدي علي خان المدني الشيرازي - ج ٢ - الصفحة ٣٦٠
واستكبار الطاعة.
____________________
فإنك تراها حيث تسوؤك (1).
وقال بعض العارفين: متى عظمت المعصية في قلب العاصي صغرت عند الله تعالى، ومتى صغرت في قلبه عظمت عنده تعالى. أي: استعظامها لاعتقاد خروجه عن التقصير فيها، وهو مما يجب الاستعاذة منه لاستلزامه العجب والإدلال (2)، نعوذ بالله من ذلك، بل الواجب على الإنسان أن يعد طاعته ناقصة ويعتقد تقصير نفسه فيها، فإن طاعة جميع الخلق في جنب عظمته تعالى حقيرة نزرة. وقد اعترف خاتم الأنبياء وسيد الأوصياء بالتقصير، ومن الظاهر المعلوم أن ما من أحد - وإن اشتد في طلب رضا الله تعالى حرصه وطال في العمل اجتهاده - ببالغ ما الله سبحانه أهله من الطاعة له، وكمال الإخلاص، ودوام الذكر، وتوجه القلب إليه، وأداء حق شكر نعمه، إذ هو بكل نعمة يستحق الطاعة والشكر ونعمه غير محصورة، كما قال: وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها (3) فإذا قوبلت الطاعة بالنعمة بقي أكثر نعمه غير مشكور لا مقابل له من الطاعة، فكيف تستكبر طاعة في جنب عظمته وإحسانه واستحقاقه لما هو أهله، وقد قال سبحانه: وما قدروا الله حق قدره (4)؟ وروى ثقة الإسلام في الكافي عن سعد بن أبي خلف عن أبي الحسن موسى عليه السلام، قال: قال لبعض ولده: يا بني عليك بالجد لا تخرجن نفسك عن حد

(١) بحار الأنوار ج ٧٣ ص ٣٥٦ ح ٦٥ وفيه حيث تسووك.
(٢) فلان يدل عليك بصحبته إدلالا ودلالا ودالة: أي يجترئ عليك كما تدل الشابة على الشيخ الكبير بجمالها. لسان العرب ج ١١ ص ٢٤٨.
(3) سورة إبراهيم: الآية 34.
(4) سورة الانعام: الآية 91.
(٣٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 355 356 357 358 359 360 361 362 363 364 365 ... » »»
الفهرست