____________________
وفي هذا الكلام إشارة إلى حكمة اختلاف الليالي والأيام، وتفاوت زمان النور والظلام، وهو من لطائف صنع الله تعالى وعجائب رحمته للعباد، كما قال سبحانه: إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار، لآيات لأولى الألباب (1).
فإن من الغرائب تعاون المتنافيين على أمر واحد، وهو إصلاح مزاج الحيوان ومعاشه.
قال بعض العارفين من أصحابنا: انظر أيها العارف المتعمق في أسرار حكمة الله تعالى وجوده، أنه لو لم يخلق هذه الأجرام النيرات على الوضع الذي يقع به التفاوت بين الليل والنهار، بأن تلج مدة من هذا في ذلك ومدة أخرى بالعكس، ويقدر التعاقب بينهما على نظام محكم ونسق مضبوط، لما صلحت أحوال الخلائق والبلاد، ولأدت أمزجة الحيوان والنبات - الذي به قوامه - إلى الفساد، ألم تر كيف خلق الله تعالى أوضاع النيرات العلوية ومناطق حركاتها ومدارات سيرها، على نحو تنتظم به أحوال الكائنات، وتنتفع به السفليات، فلو ثبت أنوارها، أو تحركت ولكن لزمت دائرة واحدة، لأثرت بإفراط فيما قابلها وتفريط فيما وراء ذلك، ولو لم تكن لها حركة لفعلت ما يفعله السكون واللزوم، ولو لم تكن تارة سريعة وأخرى بطيئة، ولم تجعل دوائر الحركات البطيئة وسموتها مائلة عن سمت الحركة السريعة، لما مالت تلك الأنوار إلى النواحي شمالا وجنوبا، فلم تنتشر آثارها ومنافع ضوئها على بقاع الأرض، ولو لا حركة الشمس على هذا المنوال، من مخالفة سمت حركتها الذاتية لسمت حركتها العرضية، لما حصلت الفصول
فإن من الغرائب تعاون المتنافيين على أمر واحد، وهو إصلاح مزاج الحيوان ومعاشه.
قال بعض العارفين من أصحابنا: انظر أيها العارف المتعمق في أسرار حكمة الله تعالى وجوده، أنه لو لم يخلق هذه الأجرام النيرات على الوضع الذي يقع به التفاوت بين الليل والنهار، بأن تلج مدة من هذا في ذلك ومدة أخرى بالعكس، ويقدر التعاقب بينهما على نظام محكم ونسق مضبوط، لما صلحت أحوال الخلائق والبلاد، ولأدت أمزجة الحيوان والنبات - الذي به قوامه - إلى الفساد، ألم تر كيف خلق الله تعالى أوضاع النيرات العلوية ومناطق حركاتها ومدارات سيرها، على نحو تنتظم به أحوال الكائنات، وتنتفع به السفليات، فلو ثبت أنوارها، أو تحركت ولكن لزمت دائرة واحدة، لأثرت بإفراط فيما قابلها وتفريط فيما وراء ذلك، ولو لم تكن لها حركة لفعلت ما يفعله السكون واللزوم، ولو لم تكن تارة سريعة وأخرى بطيئة، ولم تجعل دوائر الحركات البطيئة وسموتها مائلة عن سمت الحركة السريعة، لما مالت تلك الأنوار إلى النواحي شمالا وجنوبا، فلم تنتشر آثارها ومنافع ضوئها على بقاع الأرض، ولو لا حركة الشمس على هذا المنوال، من مخالفة سمت حركتها الذاتية لسمت حركتها العرضية، لما حصلت الفصول