بسم الله الرحمن الرحيم الحمد الله الذي علم الإنسان ما لم يعلم، وصلى الله على نبيه المصطفى ورسوله المسدد محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.
وبعد: فإن من الحقائق الراهنة التي لا بد من التسليم بها: أن التراث الفقهي عند الشيعة الإمامية يشكل ثروة عظيمة، والجهد المبذول في سبيله يتميز بين فقه المذاهب الأخرى باتسامه بالموضوعية، وابتعاده عن التحيز والعصبية وتجاوز الواقعية، ولمراعاته الدقيقة لأصول البحث العلمي والجدل الحر المنفتح على الآراء المختلفة لجميع المذاهب الإسلامية.
وإذا كان الكثير من المصادر الفقهية، والموسوعات المتخصصة قد أصابها التلف والضياع عبر العصور المتوالية بما جرى فيها من الظلم على طائفة الشيعة خاصة، وعلى عموم المسلمين نتيجة للكثير من الفتن المتلاحقة، والحروب والغزوات من قبل المغول وغيرهم، والسعي المحموم من قبل المراكز الأوربية من خلال الآلاف من المستشرقين والتجار الذين كانوا يجوبون الوطن الإسلامي الكبير بحثا عن المخطوطات النادرة والنفيسة لتنقل بصلاته وجرأة إلى المكتبات المتفرقة في أوربا بعيدا عن أصحابها