ومن هنا يظهر السر فيما حكموا به من أنه يجب على غير المجتهد التقليد في الواجبات والمحرمات، والمندوبات والمكروهات، وأضاف جمع بقولهم: بل المباحات والعاديات.
بل نقول: يمكن إرجاع مراتب السلوك إلى الله - الذي هو المصطلح عند قوم - الذي هو غاية آمال العارفين إلى الفقه كعلم تهذيب النفس وعلم الأخلاق، والعرفان الذي اصطلح عليه آخرون.
ولقد أحسن الشيخ العلامة المتتبع الحر العاملي - روح الله روحه - حيث جعل في كتابه الوسائل - الذي هو مرجع الفقهاء بعد تأليفه - كتاب الجهاد على قسمين (أحدهما) أبواب جهاد النفس، وذكر فيها أكثر ما اصطلح عليه علماء الأخلاق بل وأصحاب السير والسلوك بعنوان الفقه.
مثل ما عنون: باب 1 وجوب جهاد النفس، باب الفروض على الجوارح إلى آخره، باب 3 جملة مما ينبغي القيام به من الحقوق الواجبة والمندوبة، باب 4 استحباب ملازمة الصفات الحميدة واستعمالها وذكر نبذة منها، إلى غيرها من الأبواب.
بل عنون الأعمال الجوانحية والقلبية عنوانا فقهيا، مثل: باب 5 استحباب التفكر فيما يوجب الاعتبار والعمل، باب 6 استحباب التخلق بمكارم الأخلاق إلى آخر أبواب جهاد النفس، فالجهاد الأصغر الذي هو جميع الفقه الجوارحي - على ما هو المتعارف - متحد مع الجهاد الأكبر الذي هو تهذيب النفس وتكميل القوى، الذي هو الفقه الجوانحي، والكل يجمعها التقوى (1) الذي قد أمر الله تعالى به في القرآن العزيز.
ولعل الخطبة المنقولة عن مولى الموحدين يعسوب الدين أمير المؤمنين - عليه