صلوات المصلين - الموسومة ب " خطبة همام " المشتملة على ذكر الأعمال الجوارحية والجوانحية أكبر شاهد على ما ذكرنا من رجوع الكل إلى التقوى، فإنه - عليه السلام - بصدد بيان أوصاف المتقين التي سألها همام بقوله: (صف لي المتقين) فلا محيض عن إرجاع كل ماله دخل في تربية الإنسان ووصوله إلى الكمال إلى الفقه، فإنه الذي يهدي إلى الخروج عن حضيض الحيوانية إلى مدارج الإنسانية.
فالترغيب والتحريض على التفقه والتوبيخ على تركه، المستفادة من قوله تعالى: فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون (1) إنما هي لأجل أن الوصول إلى الكمالات مولود منه، فإن الظاهر أن المراد من الحذر هو الحذر من مطلق ما هو خلاف مصلحة السائر إلى الله تعالى فكل شأن من شؤون الإنسان يحتاج إلى مرتبة من مراتب الفقه عباراتنا شتى وحسنك واحد * وكل إلى ذاك الجمال يشير والفقه العملي الناشئ عن تقوى القلب - الذي أشير إليه في قوله تعالى: ولباس التقوى ذلك خير (2) - هو من مراتب الفقه، بل هو الفقه حقيقة (3).
فكما أن اللباس الظاهري ساتر للبدن وبه يستتر العيوب الظاهرة، فالتقوى العملي أيضا " بجميع مراتبه ساتر للعيوب الباطنية.
رزقنا الله وجميع إخواننا المؤمنين التقوى الجامع بحق النبي محمد وآله الأطهار.