وبعبارة أخرى المستفاد من الروايات المذكورة أن الغرض من التقية هو حفظ الدماء وإن توقف ذلك على ارتكاب بعض المعاصي، ما لم يصل إلى مرتبة قتل النفس.
على أنه لو جازت التقية بنهب مال الغير وجلبه إلى الظالم لدفع الضرر عن نفسه لجاز للآخر ذلك أيضا، لشمول أدلة التقية لها معا، فيقع التعارض في مضمونها، وحينئذ فلا يجوز الاستناد إليها في دفع الضرر عن أحد الطرفين بايقاع النقص بالطرف الآخر لأنه ترجيح بلا مرجح، وعليه فنرفع اليد عن اطلاقها في مورد الاجتماع ويرجع فيه إلى عموم حرمة التصرف في مال الغير وشؤونه.
4 - ما ذكره من الفرق بين الاكراه والاضطرار، حيث التزم بحرمة دفع الضرر عن نفسه بالاضرار بغيره في مورد الاضطرار دون الاكراه.
وحاصل كلامه أن الضرر في موارد الاضطرار قد توجه ابتداءا إلى الشخص نفسه، كما إذا توجه السيل إلى داره فلا يجوز له دفعه بالاضرار بغيره، لأن دفع الضرر عن النفس بالاضرار بالغير قبيح، ولا يصح التمسك بعموم رفع ما اضطروا إليه، فإن حديث الرفع قد ورد في مورد الامتنان، ولا شبهة أن صرف الضرر عن نفسه إلى غيره مناف له، فيختص الحديث بغير الاضرار بالغير من المحرمات.
وأما في موارد الاكراه، فإن الضرر قد توجه إلى الغير ابتداءا بحسب إلزام الظالم واكراهه، ومن المعلوم أن مباشرة المكره - بالفتح - لايقاع الضرر بالغير ليست مباشرة استقلالية ليترتب عليها الضمان، كما يترتب على بقية الأفعال التوليدية، بل هي مباشرة تبعية وفاعلها بمنزلة الآلة فلا ينسب إليه الضرر، نعم لو تحمل الضرر ولم يضر بالغير فقد صرف الضرر عن الغير إلى نفسه عرفا، ولكن الشارع لم يوجب هذا.