ويرد عليه أنه يكفي الاكراه بانفراده في امتثال أمر الجائر مع خوف الضرر حتى في فرض التمكن من التخلص، فلا وجه للشرط الثاني.
وقد تجلى من ذلك أن مرجع ما ذكره في المسالك إلى ثلاثة محتملات:
1 - أن الولاية عن الجائر غير مشروطة بالاكراه، وإنما المشروط به هو العمل بما يأمره الجائر.
2 - أن المجموع المركب من الأمرين مشروط بالاكراه فقط دون العجز عن التخلص بحيث لا يقدر على خلافه.
3 - التفصيل بين الولاية وبين العمل بما يأمره الجائر، فيقيد الأول بالاكراه والثاني بالالجاء إليه والعجز عن التخلص، وكان المتوهم جعل كل محتمل قولا برأسه.
أقول: يرد على هذا المتوهم أولا: أن مجرد الاحتمال لا يستلزم وجود القائل به.
وثانيا: أنا لا نعرف وجها صحيحا للقول بالتفصيل، فإن الظاهر من كلمات الفقهاء (قدس سرهم) في باب الاكراه أنه لا خلاف بينهم في اعتبار العجز عن التفصي في ترتب أحكام الاكراه، أما إذا أمكن التفصي فلا تترتب تلك الأحكام إلا إذا كان التفصي حرجيا، ولم يفرقوا في ذلك بين الولاية المحرمة وبين العمل بما يأمره الجائر من الأعمال المحرمة المترتبة على الولاية وبين بقية المحرمات، فإن أدلة المحرمات محكمة، ولا نحتمل أن يجوز أحد شرب الخمر بمجرد الاكراه حتى مع القدرة على التخلص.
وكذلك لا خلاف بين الفقهاء أيضا في أنه لا يعتبر في باب الاكراه العجز عن التفصي إذا كان في التفصي ضرر كثير على المكره، كما أنهم لم يشترطوا في ترتب الأحكام أن يلجأ إلى المكره عليه، بحيث لا يقدر