وثانيا: أنها محمولة على الكراهة، لمعارضتها بحسنة ابن أذينة (1) الدالة على جواز ايجار الحمولة لحمل الخمر والخنازير.
وجمع المصنف بينهما بأن رواية ابن أذينة محمولة على ما إذا اتفق الحمل من غير أن يؤخذ ركنا أو شرطا في العقد، بتقريب أن خبر جابر نص فيما نحن فيه وظاهر في هذا، وأن حسنة ابن أذينة بالعكس، فيطرح ظاهر كل منهما بنص الآخر.
وفيه: أنه قد تقدم في البحث عن بيع العذرة أن المتيقن الخارج عن مقام التخاطب من الدليلين لا يصحح الجمع الدلالي بينهما ما لم يساعده شاهد من النقل والاعتبار، وإنما هو تبرعي محض.
ومن هنا اندفع ما في التهذيب (2)، من أنه إنما حرم إجارة البيت لمن يبيع الخمر لأن بيع الخمر حرام وأجاز إجارة السفينة يحمل فيها الخمر، لأن حملها ليس بحرام، لأنه يجوز أن يحمل ليجعل خلا، وعلى هذا لا تنافي بين الخبرين، على أنه ذكر في الحسنة جواز حمل الخمر والخنازير، وما ذكره من التوجيه في حمل الخمر لا يجري في حمل الخنازير.
وقد يتوهم عدم نفوذ الإجارة وضعا وحرمتها تكليفا لرواية دعائم الاسلام (3) الظاهر فيهما.