وفيه مضافا إلى ضعف السند فيها، أن المراد بالحرمة في الرواية حرمة التصرفات المناسبة لذلك الشئ المحرم لا حرمة جميع التصرفات، وعليه فلا يستفاد منها حرمة جميع الانتفاعات.
على أنا لو سلمنا دلالتها على حرمة جميع التصرفات، فغاية ما يستفاد منها أن كلما لا يجوز الانتفاع به بوجه فلا يجوز بيعه، لا أن كل ما لا يجوز بيعه فلا يجوز الانتفاع به كما هو المدعى.
ومما ذكرناه تجلى ما في النبوي المشهور المجعول: إن الله إذا حرم على قوم شيئا حرم عليهم ثمنه، وبالجملة أنا لم نجد آية ولا رواية تدل على حرمة الانتفاع بنجس العين مطلقا إلا في موارد خاصة كالخمر.
ومنها: الاجماع المدعى على حرمة الانتفاع بها، وتقريره بوجهين:
1 - دعوى الاجماع على حرمة بيعها، وبما أن حرمة البيع تستلزم حرمة الانتفاع للملازمة بينهما - وقد عرفت ذلك في الحاشية عن بعض العامة - فيكون الثاني أيضا موردا للاجماع.
وفيه منع الملازمة بين الحرمتين، لجواز كون النهي عن بيعه تعبدا محضا، وعليه فإذا قام الاجماع على حرمة البيع فلا يمكن أن يستدل به على حرمة الانتفاع إلا بالحدس الظني، ومن الواضح أن الظن لا يغني من الحق شيئا، بل اللازم أن يقتصر من الاجماع على مورده المتيقن من دون أن يتعدى إلى غيره.
2 - دعوى الاجماع على حرمة الانتفاع بها ابتداء، كما هو الظاهر من فخر الدين والفاضل المقداد (1).