ثم إن المهم هنا صرف عنان الكلام إلى الروايات الخاصة الواردة في ذلك، وهي على طائفتين: الأولى تدل على حرمة الانتفاع بالميتة، والثانية على جواز الانتفاع بها.
أما الطائفة الأولى، فهي متظافرة:
منها: مكاتبة قاسم الصيقل، فإنه سأل الإمام (عليه السلام) عن جواز جعل أغماد السيوف من جلود الحمر الميتة، فكتب (عليه السلام): فإن كان ما تعمل وحشيا ذكيا فلا بأس (1)، فإن مفهومها يدل على حرمة الانتفاع بجلود غير الذكي.
وفيه مضافا إلى ضعف سندها، أن مناط المنع فيها عن عمل أغماد السيوف من جلود الحمر الميتة ليس إلا من جهة إصابتها الثوب الذي يصلي فيه السائل، ومن هنا أمره الرضا (عليه السلام) بأن يتخذ ثوبا لصلاته، وأما أصل الانتفاع بها بعمل الأغماد منها فهو مسكوت عنه، فيبقى تحت أصالة الإباحة.
بل يمكن أن يقال: إن الرواية تدل على جواز الانتفاع بالميتة، وذلك لأن السؤال فيها إنما وقع عن أمرين: أحدهما عمل الأغماد من جلود الحمر الميتة، والثاني إصابتها الثوب، فجوابه (عليه السلام) عن الثاني دون الأول ليس إلا تقريرا لجواز الانتفاع بالميتة، وإلا فكان سكوته عنه مع كونه في مقام البيان مخلا بالمقصود.
ومن هنا يعلم الوجه في قول أبي جعفر الثاني (عليه السلام): فإن كان ما تعمل