وثانيا: أن الظاهر من الدم المذكور في المرفوعة هو الدم النجس الذي تقذفه الذبيحة المسمى بالمسفوح لكثرته ومرسومية أكله في زمن الجاهلية، دون الطاهر المتخلف فيها الذي يباع بتبع اللحوم كثيرا، فإنه من القلة بمكان لم يكن مورد الرغبة لأهل الجاهلية، لينجر ذلك إلى أن يمر علي (عليه السلام) بالقصابين وينهاهم عن بيعه، ولعله لذلك لم يذكر الله تعالى في القرآن إلا الدم المسفوح (1).
إذن فالرواية لا تشمل الدم الطاهر، فلا تدل على حرمة بيعه مطلقا لكونها أخص من المدعي.
ولكن يمكن أن يقال: إن تعارف أكل الدم النجس وغلبته في الخارج لا يوجب اختصاص المنع المذكور في الرواية بل يعم الدم الطاهر أيضا، ويدل على ذلك من الرواية ذكر الطحال فيها، فإن الإمام (عليه السلام) بين كونه من الدم، وفي رواية أخرى: لأنه دم (2).
إلا أنه مع ذلك لا نسلم دلالة المرفوعة على أزيد من حرمة بيعه للأكل فقط تكليفا أو وضعا أيضا، كما نبه على ذلك العلامة الأنصاري (رحمه الله) وقال: فالظاهر إرادة حرمة البيع للأكل، ولا شك في تحريمه لما سيجئ من أن قصد المنفعة المحرمة في المبيع موجب لحرمة البيع بل بطلانه وأما حرمة بيعه لغير الأكل فلا دلالة عليه من الرواية لا وضعا ولا تكليفا، والشاهد لذلك أنه لا ريب في جواز بيع الأمور المذكورة فيها لغير الأكل كاطعام الحيوان ونحوه.