ثم إن تحقيق هذه الجهة يقع في مقامين: الأول من حيث القواعد، والثاني بحسب الروايات:
أما الأول، فقد استدل على بطلان المعاملة على عسيب الفحل بالبيع أو بالإجارة بوجوه:
1 - بجهالته، وفيه: أنه لم يرد نص ولا انعقد اجماع على اعتبار العلم بعوضي المعاملة ليلزم من جهالتهما بطلانها، بل إنما نعتبر ذلك فيها من جهة الغرر المرتفع بالعلم بالطروقة والاجتماع، فإن الغرض من المعاملة على عسيب الفحل هو ذلك.
2 - بعدم القدرة على التسليم بدعوى أن احبال الحيوان غير مقدور عليه، فلا تصح الإجارة عليه، لأن ذلك ليس في وسعه والموجود في أصلاب الفحول أيضا غير مقدور على تسليمه فلا يصح بيعه.
وفيه: أن اعتبار ذلك في المعاملة أيضا من جهة الغرر، فحيث كان النظر في ذلك إلى الطروقة والاجتماع فيرتفع الغرر عنها، فإن تسليم كل شئ بحسبه كما عرفت في الجهة الثانية.
3 - بعدم كون ما في أصلاب الفحول مالا لكونه ماء مهينا لا قيمة له فيكون العقد عليه باطلا.
وفيه مضافا إلى عدم اعتبار المالية في عوضي المعاملة، أن قوامها إنما هو باعتبار العقلاء ورغبتهم، فلا شبهة في ترتب الغرض المهم على ما في أصلاب الفحول، على أنه لو تم شئ من تلك الوجوه لدل على الحرمة الوضعية دون التكليفية.
وأما توهم مانعية النجاسة عنها هنا لتكون دليلا على الحرمة التكليفية فمما لا يصغي إليه، فإنه مع تسليم مانعيتها عن المعاملة فلا دليل على نجاسة ما في الأصلاب.