السؤال ليستطيع على ضوء ذلك أن يحدد موقفه الشرعي.
وهذا الأمر هو الذي أعطى موسى (ع) وسام الاستحقاق لمقام النبوة، فإنه قد نجح في الامتحان الذي استهدف تجسيد مدى حساسيته تجاه قضايا الحق والدين.
2 - إن اتهام نبي من أنبياء الله بأنه يتخذ مواقفه من خلال تحرك غريزة الفضول لديه ناشئ عن عدم الاهتمام باحترام مقام الأنبياء في مقام الخطاب والحديث عنهم، وهو أمر مرفوض جملة وتفصيلا.
3 - إن ما استقربه من أنه لا دليل على لزوم معرفة النبي بأكثر مما يتصل بمسؤولياته في القيادة والإمامة والطاعة.
وأنه يمكن أن يكون هناك من هو أعلم من النبي في مفردات علوم الحياة والإنسان.
إن ذلك مما لا مجال لقبوله منه، وذلك لوجود أحاديث متواترة في مجالات مختلفة تدل على خلاف هذا الكلام. ففي الكافي - كتاب الحجة -، وفي بصائر الدرجات وفي البحار طائفة كبيرة جدا من هذه الأحاديث فليراجعها من أراد، وتلك هي الدليل القاطع على عدم صحة هذه المقولة.. وقد تقدم حين الحديث عن الولاية التكوينية للمعصوم ما يفيد في هذا المجال..
4 - أما قوله:
" إن استعجال موسى (ع) بالسؤال يحوله إلى إنسان سطحي في تفكيره " فلو صح لمنع من مبادرة الأنبياء والأوصياء والأولياء والعلماء وغيرهم إلى طرح أسئلتهم في مختلف المجالات، لأن ذلك يحولهم إلى سطحيين، مع أن من يراجع آيات القرآن الكريم والأحاديث الشريفة يجد أن الأمر قد جرى منهم على خلاف هذا التوجيه، حيث نراها زاخرة بالأسئلة منهم عليهم السلام في مختلف الشؤون، ولم يتحولوا بسبب ذلك إلى أناس سطحيين.
5 - لا ندري من أين عرف هذا البعض: أن موسى (ع) قد استعجل المعرفة قبل توفر عناصر النضوج لديه. فهل دله على ذلك آية أو رواية؟ أم أنه كان حاضرا وناظرا آنذاك؟! أم هو الاستيحاء، والتظني الذي لا يقوم به