وقد روي عن الإمام الرضا عليه السلام قوله: (فقضى على العدو بحكم الله تعالى ذكره، فوكزه موسى فقضى عليه)، وحينما قال له فرعون: (وفعلت فعلتك وأنت من الكافرين (أجابه هازئا ومستنكرا مرددا قول فرعون بصيغة السؤال: (فعلتها إذا وأنا من الضالين (؟!.
ولو لم يكن ذلك، فلا معنى لإقحام كلمة (إذا) التي يراد بها رد الكلام على قائله، على سبيل الإنكار عليه.
6 - ومما يشير إلى ذلك أيضا: أن موسى (ع) حين قتل الذي من عدوه لم يكن من الضالين.. بل كان الله قد آتاه حكما وعلما.. كما ذكرت الآيات.
كما أنه عليه السلام قد كان من عباد الله المحسنين، فاستحق المكافأة على إحسانه، فلم يكن ليظلم غيره، فيقتل نفسا بريئة ويرتكب جريمة دينية!!!
7 - فما حكاه الله سبحانه عن موسى (ع) بعد تلك الحادثة بقوله: (قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي، فغفر له (، يراد به: أنه قد انتهى به الأمر بدخوله المدينة، ثم بقتله للذي من عدوه، إلى أن يحتاج إلى تدخل إلهي ليستره عن عيون الفراعنة، الذين يطلبونه.. فقد صدر منه فعل له عواقب تعود على النفس بالمشقة والمتاعب، ويحتاج إلى ستر الله سبحانه، وإلى معونته، وقد روي عن الإمام الرضا عليه السلام في تفسير هذا الموضع قوله: (فاغفر لي)، أي استرني من أعدائك لئلا يظفروا بي، فيقتلوني، (فغفر له، إنه هو الغفور الرحيم (، ومعنى الغفران الستر، وسمي المغفر الذي يستعمل في الحرب - مغفرا لأنه يستر الرأس، ويقيه ضرب السيوف.
ولو صح منه (ع) طلب المغفرة من الذنوب، فقد عرفت أنها إنما تكون من المعصومين بمعنى دفع المعصية عنهم، لا رفع آثارها بعد وقوعها منهم.
8 - ثم إن موسى (ع) يصر على مواصلة الطريق في نصرة المظلومين، ويقطع على نفسه عهدا بذلك فيقول: (رب بما أنعمت علي) أي بهذه الحماية والستر، ( فلن أكون ظهيرا للمجرمين) وسوف أستمر.. يقول الإمام الرضا عليه السلام: رب بما أنعمت علي من القوة حتى قتلت رجلا بوكزة، فلن أكون ظهيرا للمجرمين بل أجاهدهم بهذه القوة حتى ترضى.
9 - ثم وجد موسى (ع) ذلك الرجل الذي استنصره بالأمس يستصرخه