ولم تذكر هذه الآيات أبدا.. أن الفارق بين النبي (ص) وبين الناس محصور بالوحي بحيث لا يملك أية ميزة أخرى سوى ذلك.
على أنه إذا كان الفارق بين النبي وبين الناس يقتصر على خصوصية الوحي - كما هو صريح كلام هذا الرجل هنا ولم يزل يردد ذلك في كثير من المواضيع - فإن السؤال الذي نطلب الإجابة عليه هو:
ما هو الفارق بين الإمام وبين سائر الناس يا ترى، فإن الامام لا يملك خصوصية الوحي التي يتحدث عنها هذا الرجل؟ !..
3 - إن تعبير هذا الرجل ب (العجز الذاتي) لا يغير في الحقيقة شيئا، لأن من يثبت هذه الكرامات والمعجزات للأنبياء والأصفياء، لا يدعي استغناء هذا النبي عن قدرة الله تعالى، لأن الفقر هو قوام كل من عداه سبحانه.
والأنبياء والأصفياء هم أولى الناس بتذكر هذه الحقيقة، وبالتذكير بها على الدوام.
4 - وأما أنه لم يعهد من النبي (ص) التحدث في المغيبات في الشؤون العامة والخاصة. لأن الرسالة لم تحتج إلى ذلك.
فلا ندري كيف نفسره، وتلك هي كلمات النبي (ص) والأئمة (ع) التي يخبرون فيها عن العشرات بل المئات من المغيبات في الشؤون العامة والخاصة، قد زخرت بها المجاميع الحديثية السنية والشيعية، وغيرها من مؤلفات علماء الإسلام.
فكيف يقول: لم نعهد أن النبي تحدث بشيء من ذلك؟.
هذا عدا عما ورد في القرآن من إخبارات غيبية كثيرة، يتداولها الناس ويسألون عنها باستمرار، كما في قوله تعالى (ألم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون) وقوله تعالى: (وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا، أولي باس شديد فجاسوا خلال الديار، وكان وعدا مفعولا..).
فكيف يقول: إن الرسالة لم تحتج إلى الحديث عن المغيبات، لا العامة منها ولا الخاصة؟. ولماذا امتدح تعالى في كتابه المؤمنين بالغيب؟
إلا أن يدعي هذا البعض: أن الله سبحانه قد تحدث بأمور لا فائدة فيها، ولم تكن لها مناسبة تقتضيها.