فيتعارضان وتسقط هذه الرواية عن صلاحية التمسك بها على كلا الطرفين من الشرطية والمانعية، ويبقى في المقام أدلة المانعية الصريحة المعللة سالمة عن المعارض.
فتحصل: أن أدلة الباب مطبقة على المانعية.
إذا عرفت ذلك فيقع الكلام حينئذ في أن المانعية المستفادة من الأدلة هل هي المانعية المطلقة الواقعية التي لا دخل للعلم والجهل بها، أو أن مانعيتها مقصورة بصورة العلم بالموضوع؟ وبعبارة أخرى: هل مانعية غير المأكول من الموانع الواقعية، أو من الموانع العلمية كالنجاسة، بحيث لو صلى في غير المأكول جهلا كانت صلاته واقعا صحيحة، وهذا بخلاف ما لو كانت المانعية واقعية فإن مقتضى القاعدة الأولية بطلان الصلاة إلا أن يقوم دليل على الاجزاء؟
فنقول: ربما قيل بأن المانعية في المقام علمية لا واقعية، وأقصى ما يمكن أن يستدل به على ذلك أحد أمور:
الأول: هو دعوى أخذ العلم في مداليل الألفاظ وضعا وانصرافا. وهذه الدعوى بمكان من الغرابة والفساد، بداهة أن لفظ الخمر والخل والمأكول وغير المأكول لم يوضع إلا لنفس الخمر والخل الواقعي من دون دخل للعلم والجهل به، ولا وجه لانصرافه إلى المعلوم.
وبالجملة: هذه الدعوى مما لا يمكن المساعدة عليها، وكانت في هذا الزمان من الدعاوي المهجورة.
الثاني: دعوى دلالة رواية عبد الرحمن على ذلك، قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل يصلي وفي ثوبه عذرة من إنسان أو سنور أو كلب، أيعيد صلاته؟ قال عليه السلام: إن كان لم يعلم فلا يعيد (1).