إلى نصف الليل (1). وروى الكليني إلى ربع الليل (2) أيضا.
فهذه جملة الأخبار الواردة في المقام، وأنت إذا نظرت في هذه الأخبار على اختلافها تعرف أنها ليست بصدد بيان الوقت الاجزائي، بل إنما هي لبيان وقت الفضل، كما يدل عليه قوله صلى الله عليه وآله في ذيل قوله " لولا أني أخاف أن أشق " " وأنت في رخصة منها إلى نصف الليل " فإنه يشعر بأن التأخير إلى الثلث ليس من جهة أنه أول الوقت، كما يوهمه ظاهر قوله صلى الله عليه وآله " لأخرت العشاء إلى ثلث الليل " بل لمكان أن آخر الوقت الفضيلي هو الثلث وأنه أفضل من أوله، كما يشعر إليه أن تقديمها على ذلك الوقت إنما هو لمكان خوف المشقة، وإلا فالصبر إلى الثلث أفضل، وإن كان الوقت ممتد إلى النصف.
فيتحصل من هذه الرواية أمور ثلاثة: الأول: أن الوقت ممتد إلى النصف بقرينة قوله صلى الله عليه وآله " وأنت في رخصة.. إلخ ". الثاني: أن وقته ا يدخل قبل الثلث. الثالث: أن الثلث آخر وقت الفضيلي وأنه أفضل من غيره، ولا مانع من أن يكون آخر وقت الفضيلي أفضل من أوله، فتكون هذه الرواية مخصصة لما دل على أن أول الوقت أفضل مطلقا في جميع الفرائض.
فظهر أن هذه الرواية بنفسها تكفي في المطلوب من امتداد وقت العشاء مطلقا إلى النصف، وأن ما ورد من الثلث والربع محمول على الوقت الفضيلي، هذا بالنسبة إلى العشاء، وقد عرفت أن قوله صلى الله عليه وآله " وأنت في رخصة منها إلى نصف الليل " كاد أن يكون صريحا في الامتداد إلى ذلك مطلقا حتى للمختار، ضرورة أنه لو كان ذلك مخصوصا بالمضطر لما كان معنى لقوله صلى الله عليه وآله " وأنت في رخصة " لعدم مناسبة الرخصة مع كونه مضطرا في التأخير،