ذلك لتم التمسك بأصالة عدم المانع في المقام على إطلاقه، وكذلك لو لم نقل بذلك ولكن قلنا باعتبار الأصل المثبت يتم إطلاق التمسك بها في المقام، هذا ولكن الظاهر أنه لا يمكن المساعدة على كلا الدعويين.
أما الدعوى الأولى فغاية ما يمكن في تقريبها هو أن يقال: إن الطريقة العقلائية قد استقرت عند الشك في وجود شئ على البناء على العدم وترتيب آثاره عليه، وإن لم يكن ذلك العدم مسبوقا بالحلة السابقة، كما إذا كان الأثر مترتبا على العدم النعتي لا المحمولي على ما سيأتي بيانه وبالجملة: تارة يكون بناء العقلاء عند التردد بين الوجود والعدم هو البناء على العدم، من حيث إن كل حادث مسبوق بالعدم، فهذا يرجع إلى الاستصحاب، وأخرى يكون بناؤهم على ذلك لا من تلك الحيثية، بل من باب إن الممكن حيث يفتقر في وجوده إلى علة خارجة عن ذاته فمع عدم إحراز علة الوجود يبنون على العدم، وإن كان ذلك العدم من العدم الربطي الذي هو مفاد ليس الناقصة.
وإثبات هذه الدعوى في غاية الاشكال، فإن استقرار الطريقة العقلائية لا بد وأن يكون ناشئا عن منشأ عقلائي ارتكازي فطري، ولم نجد منشأ لاستقرار الطريقة العقلائية على ذلك، نعم في خصوص باب الأنساب قد ادعي ذلك، وأن بناء العقلاء عند الشك في تحقق النسب على العدم حفظا للأنساب والمواريث. والحاصل: أن دعوى كون أصالة عدم المانع من الأصول العقلائية غير الاستصحاب، دون إثباتها خرط القتاد.
وأما الدعوى الثانية وهي دعوى حجية الأصل المثبت ففي غاية الفساد كما بينا في محله. وأما التمسك بأصالة عدم المانع الراجع إلى الاستصحاب فهو على إطلاقه لا يستقيم، وتوضيح ذلك يتوقف على بيان أمرين:
الأول: أن المجعول في باب الطرق والأمارات مغاير لما هو المجعول في باب