ولكن لا يخفى عليك فساد هذا التوهم، فإن عدم حصول القيد للصلاة، إلا بترك جميع أفراد غير المأكول لا يكشف عن كون المطلوب بالنهي هو السلب الكلي، بل عدم حصول ذلك إنما هو من لوازم الارتباطية، حيث إن الارتباطية بين أجزاء الصلاة وشرائطها وموانعها تقتضي عدم تحقق المطلوب من الصلاة إلا بوجدانها لجميع ما اعتبر فيها.
وما ذكر من أنه لو صلى في أحد أفراد غير المأكول تخرج سائر الأفراد عن كونها مانعة، وهذا ينافي الانحلالية، ففساده غني عن البيان، فإن فيه:
(أولا) نقضا أنه لو صلى مع فقدان بعض أجزاء الصلاة أو شرائطها، أو صلى مع مانع آخر غير ما لا يؤكل كالحرير مثلا، فلا إشكال في أن غير المأكول لا يتصف بالمانعية، فإنه لو صلى في ألف من غير المأكول لا يؤثر في الفساد، بعدما كانت الصلاة واقعة على غير ما اعتبر فيها من الأجزاء والشرائط والموانع، فمجرد خروج سائر الأفراد عن المانعية إذا كانت الصلاة واقعة في فرد مما لا يؤكل لا يكشف عن كون القيد أخذ على نحو السلب الكلي أو الانحلالي.
(وثانيا) أن مانعية غير المأكول لم تؤخذ قيدا لأفراد الصلاة، حتى يقال بأن الفرد من الصلاة الواقع في فرد من غير المأكول يوجب خروج سائر الأفراد عن المانعية، بل القيد إنما اعتبر قيدا للطبيعة، فلو فرض أنه صلى ألف فرد من الصلاة في غير المأكول، لا يوجب خروج غير المأكول عن المانعية، وبعد باق على مانعيته للطبيعة، والأفراد الواقعة من الصلاة خارجة عن صحة انطباقها على الطبيعة المأمور بها.
نعم لو فرض أنه اضطر إلى الصلاة في فرد من غير المأكول، بحيث يوجب سقوط القيد عن القيدية، فحينئذ لو قال أحد بأنه بعد اضطراره إلى لبس فرد من أفراد غير المأكول يجوز لبس سائر الأفراد، ولا تضر بصحة الصلاة، لكشف ذلك