كان عند انكشاف الخلاف القيد الثاني اللذين اعتبرا في الرواية منتفيا، فلا بد من التماس دليل آخر يدل على الاجزاء وعدم الإعادة عند انكشاف الخلاف، بناء على جواز الصلاة في المشكوك. وهذه الرواية لا تدل لا على أصل الجواز في المشكوك، ولا على عدم الإعادة عند انكشاف الخلاف.
فإن قلت: لو كانت الصلاة الواقعة في غير المأكول مع الجهل به مشتملة على المصلحة وما هو ملاك الحكم، كما يكشف عنه هذه الرواية الدالة على الاجزاء وعدم الإعادة، فما المانع من إيقاع الصلاة مع الجهل بالمأكولية ولو شكا، لأنه على فرض كون المشكوك من غير المأكول واقعا لا يضر باشتمال الصلاة على المصلحة وما هو ملاك الأمر؟ فهذه الرواية دليل على اشتمال الصلاة على المصلحة وإن وقعت في غير المأكول جهلا، من غير فرق بين أقسام الجهل من الغفلة واعتقاد المأكولية والشك فيها، فإن العبرة بعدم العلم بغير المأكولية كما هو مفروض الرواية، وعدم العلم متحقق في جميع أقسام الجهل.
قلت: نعم هذه الرواية وإن دلت على اشتمال الصلاة الواقعة في غير المأكول جهلا على المصلحة والملاك، إلا أن مجرد اشتمال الصلاة الواقعة امتثالا للأمر الواقعي المتعلق بها على المصلحة لا يلازم اشتمال الصلاة على المصلحة مع الشك في المأكولية قبل فعلها، فإنه لو قام الدليل على أن الشئ الواقع في مرحلة امتثال المأمور به الذي هو متأخر عن رتبة الأمر وفي طوله مشتمل على ما هو مصلحة المأمور به في هذا الحال وبهذا الوصف أي بوصف وقوعه امتثالا عما هو المأمور به فلا يمكن التعدي عنه والقول بأن ذلك الشئ قبل وقوعه بوصف الامتثال مشتملا على المصلحة.
نعم لو قام دليل آخر على اشتمال الشئ ولو قبل وقوعه بوصف الامتثال على المصلحة لكان الأمر كما ذكر، إلا أن الشأن في قيام الدليل على ذلك، فإنه