لا يمكن إثبات أحد الضدين بنفي الآخر، بل المقصود هو مجرد عدم ورود التذكية على الحيوان، وهذا بنفسه كاف في إثبات النجاسة والحرمة وعدم جواز الصلاة في جلده. فظهر أنه لا مانع من جريان أصالة عدم التذكية عند الشك فيها، ولا حاجة إلى إثبات الموت حتف الأنف.
وأما الوجه الثاني ففيه: أن التذكية لو كانت عبارة عن فعل الذابح وما هو الصادر عنه، من دون اعتبار قابلية المحل فيها جزء أو شرطا على ما سيأتي بيانه فعند الشك في تحققها تكون مسبوقة بالعدم، بداهة أن فعل الذابح أمر حادث مسبوق بالعدم الأزلي، وهذا العدم الأزلي مستمر من قبل وجود الحيوان إلى زمان تحقق موته وإزهاق الروح عنه، غايته أن عدم التذكية قبل وجود الحيوان يكون عدما محموليا منتف بانتفاء موضوعه وهو الحيوان، وبعد وجود الحيوان يكون عدما نعتيا وهو عدم تذكية هذا الحيوان الموجود، وهذا العدم النعتي مستمر إلى زمان زهوق الروح عنه وبعده، من دون أن ينقلب ذلك العدم الثابت في حال الحياة إلى عدم آخر في حال الممات بل هو هو، غاية الأمر أن عدم التذكية الثابت في حال حياة الحيوان لم يكن موضوعا لأثر شرعي، لأن موضوع الحرمة والنجاسة وعدم جواز الصلاة مركب من أمرين: زهوق الروح مع عدم التذكية، فعدم التذكية في حال الحياة لم يكن لها أثر، ولكن بقاء ذلك العدم إلى تحقق الجزء الآخر الذي هو عبارة عن زهاق الروح يكون ذا أثر شرعي من النجاسة والحرمة وعدم جواز الصلاة في جلده، والمفروض تحقق زهوق الروح وجدانا فيستصحب عدم التذكية الثابتة في حال الحياة إلى زمان زهوق الروح ويلتئم حينئذ كلا جزئي المركب الذي يكون موضوعا للنجاسة وغيرها من الأحكام، غايته أن أحد جزئي المركب يكون محرزا بالوجدان والجزء الآخر بالأصل.
وحاصل الكلام: أن معروض التذكية التي هي عبارة عن فعل الذابح إنما