واقعي " أنقد الغريق " للغريق الذي علم به حكما وموضوعا، بل اللازم عليه فعلا هو إنقاذ ما علم كونه غريقا ليس إلا، وهذا بخلاف باب التعارض، لما عرفت من أن التعارض إنما يكون بين الوجود الواقعي وفي عالم الإرادة الآمرية والتشريع من دون أن يكون لعلم المكلف وجهله دخل في ذلك، ولتوضيح المقال محل آخر، والغرض في المقام مجرد الإشارة إلى ما يبتني عليه مسألتنا من الصلاة في المغصوب عند الجهل والنسيان.
وإذا عرفت ما ذكرناه، ظهر لك الوجه فيما ذهب إليه المشهور من صحة صلاة الجاهل بالموضوع، والناسي له، والجاهل بالحكم التكليفي قصورا، وبطلان صلاة العامد العالم، والجاهل بالحكم تقصيرا، فإن ذهابهم إلى ذلك إنما هو لبنائهم على الجواز من الجهة الأولى كما هو المشهور بينهم أيضا على ما نسب إليهم في الأصول والامتناع من الجهة الثانية، وذلك بعد الإحاطة بما قدمناه واضح.
أما الصحة عند الجهل بالموضوع ونسيانه فواضح، لما عرفت من أن النهي في الجهة الثانية إنما يقدم على الأمر بوجوده العلمي لا بوجوده الواقعي، لأنه بوجوده الواقعي لا يزاحم الأمر بعد تمامية ملاكه، كما عرفت من أن ذلك من لوازم التزاحم، وأن مسألة الاجتماع من الجهة الثانية تكون من صغرى باب التزاحم، والجاهل بالغصبية وإن لم يسقط النهي عنه واقعا إلا أنه غير منجز عليه، فلا مانع من صحة صلاته بعد استمالها على تمام الملاك، وكذا الناسي لها، بل هو أولى بالصحة، لسقوط النهي عنه واقعا، وكذا الكلام بالنسبة إلى الجاهل بالحكم عن قصور، فإنه كالجاهل بالموضوع من حيث كون النهي غير منجز عليه.
وأما بطلانها في صورة العلم بالحكم والموضوع، أو الجهل بالحكم فقط لكن عن تقصير، فلتنجز النهي عليه، فتقع الصلاة منه مبغوضة، وما وقع مبغوضا لا يمكن أن يكون مقربا.