[البحث الثاني] الكلام في القبلة وفيه أبحاث:
المبحث الأول فيما يجب استقباله في حال الصلاة والدفن وغير ذلك. وقد اختلفت كلمات الأصحاب في ذلك، فقيل: القبلة عبارة عن نفس الكعبة والبناء لمن كان في المسجد، والمسجد قبلة لمن كان في الحرم، والحرم قبلة لمن كان في خارجه من أهل الدنيا. وقد استدل على ذلك بعدة من الأخبار.
وقيل: القبلة للقريب هو نفس الكعبة، وللبعيد الجهة بمعنى السمت والطرف.
وقيل: إن القبلة هي عبارة عن نفس الكعبة للقريب والبعيد والمشاهد وغير المشاهد، لكن مع تعميم الكعبة من تخوم الأرض إلى عنان السماء، وإن اختلفت كيفية المحاذاة والاستقبال، فإن القريب المشاهد إنما يحاذي نفس البناء والبيت، والبعيد الغير المشاهد إنما يحاذي الفضاء والخط الخارج من البيت إلى عنان السماء.
وهذا هو الحق الذي ينبغي المصير إليه، وذلك للأخبار المستفيضة التي ادعى في الجواهر (1) تواترها، الدالة على أن القبلة هي الكعبة. وهي وإن كانت ظاهرة في