القبلة، بحيث لو فرض خروج خط من جبهة كل واحد من المصلين لكان مارا على الخط الخارج من الكعبة الممتد إلى عنان السماء، نعم لو اعتبرنا في الاستقبال أن يكون الخط خارجا من بين العينين، ولا يكفي خروجه من أحد جانبيها لامتنع اتصال خطوط الصف المستطيل إلى الخط الخارج من الكعبة، إلا أنه قد تقدم عدم اعتبار ذلك في صدق الاستقبال، بل يكفي الاستقبال بأحد طرفي الجبهة.
والحاصل: أن الدوائر المرتسمة بين موقف الشخص وبين محيط العالم على كثرتها يكون الشخص مواجها لقوس منها بقوس جبهته، وكلما فرض بعد الدائرة عن دائرة الموقف يكون القوس المواجه إليه منها أوسع من القوس المواجه إليه من الدائرة التي دونها التي تكون أقرب إلى موقف الشخص منها.
فالشخص يكون مواجها لمقدار شبر من الدائرة التي ترتسم بقرب منه، ويكون مواجها لمقدار شبرين من الدائرة التي ترسم فوق تلك الدائرة، وهكذا يزداد المحاذاة والمواجهة بمقدار بعد الدائرة إلى أن تصل إلى الدائرة المحيطة بالعالم، فتتسع المحاذاة بمقدار اتساع ما يحاذيه من قوس الدائرة، وعليه يكون الانسان محاذيا ومواجها لكل ما كان بينه وبين المحيط.
فإذا توجه الانسان نحو القوس الذي تكون الكعبة فيه فلا محالة يكون مواجها للكعبة ولو لفضائها الممتد إلى السماء، وهذه المواجهة تزداد كلما ازداد الانسان بعدا عنها، فربما يكون الشخص مواجها لجزء يسير من الكعبة إذا كان قريبا منها، وربما يكون مواجها لتمامها لتمامها إذا بعد عنها، وهكذا يزداد المواجهة حتى تصلى المواجهة إلى مرتبة يكون الشخص مواجها لتمام الحرم وما زاد، حتى أنه لو فرض أن الشخص وقف فيما يقرب القطب الجنوبي أو الشمالي يكون مواجها لثمن الدنيا بحسب نسبة الجبهة إلى دائرة الرأس، وقد عرفت أن هذه المواجهة ليس مواجهة وهمية بل مواجهة واقعية حقيقية.