جهة وجود العذر العام كالغيم، وأخرى من جهة العذر الخاص كالعمى والحبس، فلو كان العذر عاما فربما قيل بالاكتفاء بمطلق الظن ولا يلزمه الصبر إلى أن يعلم، بل ربما نسب ذلك إلى المشهور، بل ربما ادعى الاجماع عليه.
وقد استدل عليه بما ورد من اعتبار صياح الديك في يوم لا يرى فيه الشمس والقمر أو في يوم غيم، كما ورد التعبير بذلك في الأخبار، ففي حسن الفراء كالصحيح قال: قال رجل من أصحابنا للصادق عليه السلام: إنه ربما اشتبه علينا الوقت في يوم غيم، فقال عليه السلام: تعرف هذه الطيور التي تكون عندكم بالعراق يقال لها الديوك؟ فقال: نعم، قال: إذا ارتفعت أصواتها وتجاوبت فقد زالت الشمس، أو قال: فصل (1). وفي معناه خبران آخران.
ومن المعلوم أن أقصى ما يفيده صياح الديك هو الظن، وبعد إلغاء الخصوصية من الظن المستفاد من صياح الديك، وإلغاء خصوصية الغيم وأن ذكره إنما كان من جهة كونه عذرا لا يمكن معه تحصيل العلم، يتم ما أفاده المشهور من جواز الاعتماد على مطلق الظن مع عدم التمكن من العلم، سواء كان ذلك من جهة الغيم أو العمى أو الحبس أو غير ذلك من الأعذار.
وأنت خبير بما في دعوى القطع بعدم الخصوصية في صياح الديك وتسرية الحكم إلى كل ظن من المجازفة. وكذا في دعوى القطع بعدم الخصوصية في الغيم وتسرية الحكم إلى كل عذر ولو لم يكن عاما كالعمى والحبس.
فالأقوى على ما اختاره شيخنا الأستاذ مد ظله من الاقتصار على اعتبار خصوص صياح الديك في خصوص العام، وأما فيما عداه فيلزمه الصبر حتى يحصل له العلم بدخول الوقت، فتأمل فإن ما ذهب إليه المشهور لا يخلو عن قوة.