فإن قلت: بعد الالتزام بأن مورد الاجتماع مشتمل على كل من ملاك الأمر والنهي، كما هو لازم باب التزاحم، ومجرد تقديم جانب النهي لا يوجب عدم اشتمال الصلاة على ملاكها، وإلا لخرج عن باب التزاحم ودخل في باب التعارض، وحينئذ لا مانع من تصحيح الصلاة بالملاك، وإن عوقب على فعل الغصب، كما هو الشأن في كل متزاحمين قدم أحدهما على الآخر، كتقديم الإزالة على الصلاة، ولكن مع ذلك تقع صلاته صحيحة لو خالف وترك الإزالة.
وحاصل الكلام: أنه بعد الفراغ من الجهة الأولى والبناء على الجواز فلا معنى للقول ببطلان صلاة الجاهل المقصر، بل وكذا العالم بعد الاعتراف بأن مورد التصادق مشتمل على تمام ملاك الأمر، وبعد تصحيح العبادة بالملاك كما في نظائر المقام من سائر موارد التزاحم.
قلت: نعم وإن كان مورد التصادق مشتملا على تمام ما هو ملاك الأمر، إلا أن مجرد ذلك لا يكفي في المقربية بعد اتحاده وابتلائه بما يقع فعلا من المكلف مبغوضا عليه من التصرف في المغصوب، وما قلنا من تصحيح العبادة بالملاك إنما هو فيما إذا لم يكن بهذه المثابة.
وتفصيل ذلك هو أن التزاحم على أقسام خمسة.
الأول: تزاحم الضدين كالتزاحم بين الإزالة والصلاة.
الثاني: التزاحم بين المقدمة وذيها إذا كان أحدهما واجبا والآخر محرما.
الثالث: تزاحم المتلازمين في الوجود فيما إذا كان التلازم اتفاقيا، كما إذا فرض وجوب استقبال القبلة وحرمة استدبار الجدي مع أنهما متلازمان في العراق وما والاها.
الرابع: تزاحم المتحدين في الوجود، كما فيما نحن فيه من تزاحم الصلاة والغصب عند التصادق والاتحاد.
الخامس: تزاحم الواجبين في ناحية قدرة الكلف، من دون أن يكون بينهما