الوجه الثاني: أن يكون الحلية والحرمة أخذت في موضوع الدليل للعنوانية، بأن يكون لوصفي الحلية والحرمة دخل في جواز الصلاة وعدمه، ويكونا موضوعين لذلك، لكن لا مطلق الحلية والحرمة، بل الحلية والحرمة العارضان لذوات الحيوانات في حد أنفسها، المحفوظان عند طرو ما يوجب الرخصة فعلا أو المنع، كالحلية الموضوعة للحم الغنم، والحرمة الموضوعة للحم الأرانب، بداهة أن الحلية الموضوعة للحم الغنم لا تنافي عروض المنع الشرعي عن أكله في مورد، كما إذا كان مغصوبا، فإن الغنم مع كونه مغصوبا محلل الأكل في حد ذاته، بمعنى أن الغنم خلق مأكول اللحم، كما أن حرمة لحم الأرانب لا تنافي الرخصة الشرعية في أكله، كما إذا كان في المخمصة، فإنه مع ذلك الأرنب خلق غير مأكول اللحم.
وبالجملة: يمكن أن تكون الحلية والحرمة الذاتيان العارضة للحيوان موضوعا لجواز الصلاة في أجزائه وعدم جوازها.
وعلى هذا الوجه يكون الشك في جواز الصلاة في المشكوك مسببا عن الشك في حلية الحيوان وحرمته، لأن المفروض أن حلية الحيوان وحرمته صار موضوعا لجواز الصلاة في أجزائه وعدم جوازها، فيكون الشك في الجواز مسببا عن ذلك.
ولكنه مع ذلك لا جدوى لجريان أصالة الحل في الحيوان لاحراز جواز الصلاة في أجزائه، فإن مفاد أصالة الحل ليس إلا الحلية الفعلية والرخصة في المشكوك بما أنه مشكوك، من دون أن تكون محرزة لحال الحيوان وأنه من محلل الأكل أو محرمه، إذ ليست أصالة الحل من الأصول التنزيلية المحرزة المتكفلة لالغاء أحد طرفي الشك والأخذ بالآخر كما لاستصحاب، بل أصالة الحل كأصالة الطهارة أصل عملي موضوع لمجرد البناء على أحد طرفي المشكوك بما أنه مشكوك.
فالحكم الظاهري المجعول بأصالة الحل يكون من سنخ الواقعي المجعول في حال الاضطرار، فكما أن الرخصة الواقعية المجعولة في حال المخمصة لا توجب صيرورة