نقضا لغرضه ومفوتا لمقصوده كما لا يخفى.
فإن لاحظ الماهية مطلقة غير مقيدة بأمر وجودي أو عدمي، فلا يعقل بعد ذلك جعل شئ جزء لها أو شرطا أو مانعا، إلا أن يكون غير ملتفت إلى أن الشئ الفلاني شرط أو مانع، وإلا لا يعقل أن يلاحظ الشخص الملتفت إلى الجهات الواقعية الماهية المطلقة وبعد ذلك لا يحظ شيئا آخر جزء لها أو مانعا عنها.
وإن لاحظها مقيدة بأمر وجودي، فذلك الأمر الوجودي إما أن يكون جزء لها أو شرطا على اختلاف بينهما في كيفية اللحاظ.
وإن لاحظها مقيدة بأمر عدمي فذلك الأمر العدمي يكون مانعا لا محالة. هذا كله في عالم اللحاظ.
ثم بعد ذلك لا بد للجاعل والشارع من تشريع الماهية وجعلها على طبق لحاظها، فكما أن في عالم اللحاظ ليس له لحاظ شئ آخر جزء أو شرطا أو مانعا بعد لحاظ الماهية مطلقة، فكذلك بعد الجعل والتشريع أن يجعل أمرا شرطا أو مانعا عن مجعوله إلا على سبيل النسخ.
وحاصل الكلام: أن هنا عوالم ثلاثة، عالم الملاك وعالم اللحاظ وعالم الجعل والتشريع، ومنشأ انتزاع الجزئية والشرطية والمانعية في كل من هذه العوالم الثلاثة مختلف، فإن منشأ انتزاع هذه الأمور في عالم الملاك قد عرفت أنه أمر واقعي تكويني، وقد تقدم أن الشك في تحقق المنشأ وحصوله في هذا العالم مما لا أثر له بعد عدم كون الملاكات داخلة في حيز الطلب والتكليف.
ومنشأ انتزاع هذه الأمور في عالم اللحاظ إنما هو عبارة عن لحاظ الطبيعة إما مقيدة بأمر وجودي أو بأمر عدمي، والجزء والشرط والمانع في هذا العالم أيضا مما لا أثر له، بداهة أن عالم اللحاظ مع قطع النظر عن الجعل والتشريع على طبقه