هذه " فلا إشكال في أنها ليست في مقام شرطية الترتيب من دون تصرف في الوقت، فإنه لا وجه لذكر خصوص الترتيب من بين الشرائط، فينبغي حينئذ أن يعد سائر الشرائط أيضا كالقبلة والطهور وأمثال ذلك، مع أنه يلزم بناء على هذا أن يكون الاستثناء منقطعا، إذ لو كان في مقام بيان شرطية الترتيب فقط من دون تعرض للوقت لا تكون جملة قوله عليه السلام " إلا أن هذه قبل هذه " مرتبطة بما قبلها وهو قوله عليه السلام " إذا زال الزوال دخل الوقتان " فإن عقد المستثنى منه إنما سيق لبيان الوقت المضروب للصلاة، والمفروض أن عقد المستثنى بناء على هذا يكون لبيان شرطية الترتيب، وشرطية الترتيب لا دخل لها بالوقت المضروب للفعل، فيكون الاستثناء منقطعا، وهو خلاف الأصل كما بين في محله، فلا بد من أن يكون قوله عليه السلام " إلا أن هذه قبل هذه " في بيان جعل مقدار من الوقت للأولى ويرتبط حينئذ بما قبله، فكأنه أراد عليه السلام بهذه الجملة تقييد ما أطلقه أولا من قوله عليه السلام " إذا زال الزوال دخل الوقتان " وبيان أن أول الوقت إنما هو للصلاة الأولى، ولذا عقبه عليه السلام بما في الطائفة الثالثة وهو قوله " ثم أنت في وقت منهما جميعا حتى تغيب الشمس ".
فالطائفة الثالثة أقوى دليل على أن المراد من قوله عليه السلام " إلا أن هذه قبل هذه " لبيان تخصيص أول بالأولى، وإلا لم يكن معنى لقوله عليه السلام " ثم أنت في وقت منهما " إذا لو لم تكن الجملة لبيان تعيين الوقت وتخصيصه، بل لبيان شرطية الترتيب فقط، فالمكلف من أول الوقت في وقت منهما جميعا والترتيب شرط في تمام الوقت، فلا معنى لقوله عليه السلام حينئذ " ثم أنت في وقت منهما جميعا " لأن التعقيب بكلمة " ثم " بعد بيان شرطية الترتيب لا موقع له إلا لإفادة سقوط التريب وهو كما ترى ضروري البطلان، فالتعقيب ب " ثم " إنما يصلح إذا كان ما قبلها وهو قوله عليه السلام " إلا أن هذه قبل هذه " لبيان