هذا الدليل مقيدا لذلك الاطلاق وبمنزلة القرينة له، ويعامل معهما معاملة المطلق والمقيد، وإن لم يكن المقيد من أفراد المطلق، وذلك واضح.
الثاني: أنه ربما يكون الدليل بحسب ظهوره الاطلاقي لا يعم غير شخص ما تعلق به، ولكن يرد دليل آخر على دخول التوابع والملحقات بما تعلق به ذلك الدليل الذي لم يعم بحسب ظهوره الاطلاقي تلك التوابع والملحقات، وحينئذ لا يعامل مع الدليلين معاملة المتعارضين بالتباين، بل يقدم ما دل على دخول التوابع ويقيد به ذلك الاطلاق، وإن لم تكن تلك التوابع داخلة في المطلق، لما عرفت في الأمر الأول من أنه لا يعتبر في المقيد من أن يكون من أفراد المطلق وداخلا فيه لولا التقييد.
مثلا لو قال (جاء زيد) فهذا القول بحسب ظهوره يدل على أن الجائي شخص زيد، من غير شمول زيد لمواليه وتوابعه، ولو قال بعد ذلك أن مرادي من (جاء زيد) ليس شخص زيد فقط بل هو مع توابعه، لم يكن هذا القول معارضا للقول الأول، بل يكون حاكما عليه، ومقدما على ذلك الظهور، ومقيدا لذلك الاطلاق، من غير استلزام المجازية، كما لا يخفى.
الثالث: أن التحديدات الشرعية الواردة في بيان تحديد الموضوعات العرفية الظاهرة في خلاف ما حدده الشارع لا يعامل معها معاملة التعارض، مثلا لو ورد أن المسافر حكمه كذا، والمقيم حكمه كذا، وماء الكثير حكمه كذا، فلو لم يرد من الشارع تحديد كان ما يفهمه العرف من هذه الموضوعات هو المتبع، فربما لا يرى العرف صدق الماء الكثير على الكر، وكذا لا يرى صدق السفر والإقامة على ثمانية فراسخ أو إقامة عشرة أيام.
ولكن بعد تحديد الشارع الماء الكثير بالكر، والسفر بثمانية فراسخ، والإقامة بعشرة أيام، لا يعامل مع هذا التحديد معاملة المعارض، لما أخد نفس الماء الكثير