وجه الدلالة هو أنه لا إشكال في عدم الفرق بين أجزاء غير المأكول من الأجزاء النجسة وغيرها في المانعية، بل مانعية الأجزاء النجسة تكون أشد وأولى، فإذا كانت مانعية عذرة الكلب والسنور مقصورة بصورة العلم حسب ما دلت عليه الرواية حيث حكم الإمام عليه السلام فيها بعدم الإعادة عند الجهل، فمانعية غير العذرة من سائر أجزاء السنور والكلب يكون أولى بقصرها بصورة العلم، هذا.
ولكن لا يخفى عليك أن الاستدلال بهذه الرواية على قصر المانعية بصورة العلم يتوقف على دعوى عدم الفرق بين الصلاة الواقعة في غير المأكول باعتقاد عدم وقوعها فيه أو الغفلة عن ذلك، وبين الصلاة مع الشك في المأكولية وعدمها.
وبالجملة: هذه الرواية دلت على عدم إعادة الصلاة عند وقوعها في غير المأكول جهلا بزعم أنه من المأكول أو الغفلة عن ذلك، وأين هذا مما نحن فيه من جواز إيقاع الصلاة في المشكوك كونه من المأكول جوازا واقعيا، بحيث لا يضر انكشاف الخلاف لو صلى فيه والحال هذه، ويكون من قبيل انقلاب الموضوع إلى موضوع آخر؟
فهذه الرواية أجنبية عما نحن فيه، بل لو قلنا فيما نحن فيه بالجواز من جهة اقتضاء الأصول العملية ذلك كما هو المختار وسيأتي توضيحه كان الاجزاء عند انكشاف الخلاف بعد الصلاة يحتاج إلى دليل آخر غير هذه الرواية، فإن هذه الرواية قد تضمنت للاجزاء وعدم الإعادة بقيدين (أحدهما) انكشاف الخلاف بعد وقوع الصلاة (ثانيهما) أن يكون إيقاع الصلاة في غير المأكول بزعم أنه من المأكول.
وما نحن فيه من جواز إيقاع الصلاة مع الشك في المأكولية قبل الصلاة جوازا واقعيا يكون كلا القيدين اللذين اعتبرا في الرواية منتفيا، ولو قلنا بالجواز الظاهري حسب ما تقتضيه الأصول العملية مع الشك في المأكولية قبل الصلاة،