وفيه: أن مبنى الاستدلال إنما هو على حائط المسجد كان ذراعا، حتى يكون المراد من قوله عليه السلام " فإذا مضى من فيئه ذراع " هو صيرورة الظل بقدر ذي الظل، وهذا المعنى لم يثبت بل الثابت خلافه، وأن الحائط كان قدر قامة الانسان كما هو المحكي عن فقه الرضا (1) عليه السلام، ويدل عليه أيضا نفس ما في رواية زرارة وعبد الله بن سنان المتقدمتين، فإن الظاهر من كلمة " من " هو التبعيض، وهو لا يستقيم إلا إذا كان مقدار الحائط أكثر من ذراع، وكذا يظهر من صدر الروايتين أيضا، فإن الظاهر من لفظ القامة في قوله عليه السلام " كان حائط مسجد رسول الله قامة " هو قامة الانسان، فإن هذا هو المنساق من إطلاقها.
والحاصل: أن تمامية الاستدلال موقوف على أن يكون حائط مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله قدر ذراع، وهذا مع أنه لم يثبت في نفسه، ينفيه صدر الرواية وذيلها، فإن المنساق من إطلاق القامة التي في صدر لرواية هو قامة الانسان، وظهور لفظة " من " التي في الذيل في التبعيض، فرواية زرارة وعبد الله ابن سنان أدل على اعتبار القدمين والأربعة من اعتبار المثل والمثلين وما ورد من تفسير القامة بالذراع لا شهادة فيها على أن الحائط كان قدر ذراع، إذ المستفاد من مجموع الأخبار أنه كان في ذلك الزمان اصطلاح خاص وهو التعبير عن الذراع بالقامة، كما يظهر من الصادق عليه السلام: القامة والقامتان الذراع والذراعان في كتاب علي عليه السلام (2)، وقوله عليه السلام عند سؤال أبي بصير كم القامة؟
فقال: ذراع (3).. إلخ.