ومن هنا احتمل بعض أن يكون النزاع لفظيا، بمعنى أنه من قال بأن المسجد قبلة لمن كان في الحرم لا يريد أن المسجد قبلة لذلك ولو مع عدم مواجهة البيت بوجه من الوجوه بحيث لم يتصل خط من المصلي إليه، بل المراد أنه لو استقبل المسجد يكفي من جهة استلزامه غالبا لاتصال خط منه إلى البيت أو الفضاء المتصل به، وهو كذلك بناء على ما سيأتي من معنى استلزام زيادة البعد لزيادة المحاذاة.
وبذلك يمكن ارجاع ما دل من الأخبار على أن المسجد قبلة لأهل الحرم، والحرم قبلة لأهل الدنيا (1)، إلى ذلك، بمعنى أن مستقبل المسجد لمن كان في الحرم ومستقبل الحرم لمن كان خارجا منه يكون مستقبلا للكعبة أيضا ولو للخط الخارج منها إلى عنان السماء، كما أنه يمكن إرجاع ممن قال بالسمت والطرف إلى ذلك أيضا، وإن أبت بعض عباراتهم عن ذلك.
والحاصل: أنه يمكن أن يكون مراد الجميع من الأقوال والأخبار أن البعيد إذا توجه نحو الطرف الذي تكون القبلة فيه أو نحو المسجد والحرم فلا محالة يتصل منه خط إلى الخط الخارج من البيت غالبا، وهذا لا ينافي بطلان صلاة من علم بعدم ذلك كالمصلي نحو أحد أضلاع المسجد.
فالحري إنما هو بيان اتصال الخطين، فإنه ربما يتوهم أن ذلك محال من جهة صغر جرم البيت، فالمصلي لو فرض أنه صلى في أماكن متعددة بحيث يعلم بزيادة سعة الأمكنة التي صلى فيها عن جرم البيت، فكيف يمكن اتصال خط من المصلي من جميع هذه الأمكنة إلى البيت، أو إلى الخط الخارج منه إلى عنان السماء؟
وكذا الاشكال في الصف المستطيل، فيلزم بناء على اعتبار اتصال الخطين هو بطلان صلاة بعض الصف، أو بطلان بعض الصلوات بالنسبة إلى الشخص