حمل الأخبار المفصلة على الفضيلة، هذا تمام الكلام في الموضع الأول.
بقي الكلام في الموضع الثاني: وهي الجمع بين نفس الأخبار المحددة المفصلة، فإنه قد عرفت اختلافها في ذلك أيضا، فبعضها تحديد بالمثل للظهر والمثلين للعصر، وهو منتهى ما ورد من التحديد، وبعضها تحديد الظهر بالقدم والعصر بالقدمين، وهو أقل التحديدات، وما بينهما من القدمين والأربعة والستة متوسطات، ولا يبعد حمل هذا الاختلاف على بيان مراتب الفضل وأن أوله بل أول الزوال كما ورد أن أول الظهر زوال الشمس وآخر وقتها قامة (1)، الحديث القدم للظهر والقدمان للعصر، وآخره المثل للظهر والمثلان للعصر وأن الأول أفضل، ولا بأس بالتزام عدم دخول وقت فضيلة العصر قبل القدمين وإن فرغ من الظهر قبل ذلك.
بل يمكن أن يستشعر من بعض الأخبار أن ما شرع أولا إنما هو التفريق بين الظهرين وإن الجمع رخصة، كما يظهر ذلك مما ورد في نزول جبرئيل عليه السلام في اليوم الأول بوقت كذا وفي اليوم الثاني بوقت كذا (2). فراجع.
وحاصل الكلام: أن الأخبار في الباب مضطربة غاية الاضطراب، فإن في بعضها نفي التحديد رأسا، كقوله عليه السلام بعد السؤال عن اختلاف الأخبار المروية عن آبائه عليهم السلام " لا المقدم ولا القدمين.. إلخ " (3) وفي بعضها تحديد الظهر بالقدم والعصر بالقدمين، كما في قوله عليه السلام " والنصف من ذلك أحب إلي " بعد السؤال عنه عن فعل الظهر بالقدمين والعصر بأربعة أقدام، وبعضها التحديد بالقدمين للظهر وأربعة للعصر، وفي بعضها التحديد بالمثل