ولكن بشرط العلم ببقاء المحراب على هيئته التي جعلها المعصوم عليه السلام من دون أن يتغير، وهذا الشرط مفقود في هذا الزمان لكثرة التغيرات، خصوصا في محراب مسجد الكوفة على ما نقل.
ومنها: قبر المعصوم عليه السلام بالشرط المذكور.
ومنها: العلائم المنصوبة لذلك من مهرة أهل الفن، كوضع الجدي كذا ووضع سهيل كذا، وأمثال ذلك مما هو مذكور في الكتب المبسوطة، فإن الانصاف أن هذه العلائم علائم متقنة استخرجها مهرة أهل الفن، فهي إن لم تكن مفيدة للعلم فلا أقل من إفادتها الاطمئنان الملحق بالعلم المعبر عنه بالعلم العادي في بعض الكلمات.
ثم لا يخفي عليك أنه ليس في الأخبار علامة تعبدية لمعرفة القبلة، وإنما ورد بعض الأخبار في خصوص الجدي، كقوله عليه السلام في بعضها: إجعله على يمينك، وإذا كنت في طريق مكة فاجعله بين كتفيك (1). وقوله عليه السلام في آخر: ضع الجدي في قفاك وصل (2).
ولكن من المعلوم أنه لا يمكن الأخذ بإطلاق هذه الأخبار، فإن جعل الجدي على القفاء لا يكون مطردا في جميع البلدان، بل هو مقصور بما إذا كان قبلة البلد نقطة الجنوب وكذا قوله عليه السلام " وإذا كنت في طريق الحج فاجعله بين كتفيك ".
وبالجملة: ليس فيما بأيدينا من الأخبار ما يدل على جعل الشارع شيئا خاصا علامة للقبلة تكون مطردة في جميع البلدان، فلا بد حينئذ من الرجوع إلى العلامات المستخرجة من الهيئة، وقد عرفت أنها أمور مضبوطة من شأنها أن تفيد